للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإجماع الصحابة والتابعين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - على أن الرهن مضمون مع اختلافهم في كيفيته فالقول بالأمانة خرق له، والمراد بقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لا يغلق الرهن» على ما قالوا الاحتباس الكلي بأن يصير مملوكا له، كذا ذكر الكرخي عن السلف

ــ

[البناية]

هلاك مضمون بما فيه، وهو الدين أو القيمة بالنقل من أئمة الفقه والحديث، والباء للمقابلة والمعاوضة.

م: (وإجماع الصحابة والتابعين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - على أن الرهن مضمون) ش: لأنه لم يرد عن أحد منهم أن الرهن في مقدار الدين غير مضمون، بل هم اتفقوا على أنه مضمون في مقدار الدين م: (مع اختلافهم في كيفيته) ش: أي في كيفية الضمان، يعني ليس اختلافهم إلا في كيفية الضمان، فقال أبو بكر وعلي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: مضمون بالقيمة.

وقال ابن عمر وابن مسعود وعمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -: هو مضمون بأقل من قيمته ومن الدين. وقال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: هو مضمون بالدين، وهو قول شريح، قلت قيمته أو كثرت.

وهكذا اختلف التابعون، واختلافهم على ذلك إجماع منهم على أنه ليس قول رابع، إلا أن الشافعي أحدث قولا رابعا أنه أمانة، فيكون خرقا للإجماع، كذا في " المبسوط ".

وأشار إليه المصنف بقوله: م: (فالقول بالأمانة خرق له) ش: أي فقول الشافعي بأن الرهن أمانة خرق للإجماع م: (والمراد بقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) ش: هذا جواب عن الحديث الذي احتج به الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أي المراد بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م: «لا يغلق الرهن» على ما قالوا) ش: أي شرح الأحاديث والآثار م: (الاحتباس الكلي بأن يصير مملوكا له) ش: أي للمرتهن، والاحتباس الكلي أن لا يمكن لافتكاكه بعد صيرورته ملكا له م: (كذا ذكر) ش: أي كذا ذكر، يعني الحديث المذكور م: (الكرخي عن السلف) ش: مثل طاوس وإبراهيم وغيرهما أنهم قالوا: إن المراد به لا يحبس الرهن عند المرتهن احتباسا لا يمكن فكاكه بأن يصير ملكا للمرتهن، فيكون ذلك نفيا لما في الجاهلية.

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي: قوله: «لا يغلق الرهن» قد جاء تفسيره عن غير واحد من الفقهاء، قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم في رجل دفع إلى رجل رهنا وأخذ منه دراهم فقال: إن جئتك بحقك إلى كذا وكذا وإلا فالرهن لك بحقك، فقال إبراهيم: لا يغلق الرهن، فقال أبو عبيد: فجعله جوابا للمسألة.

وقد روي عن طاوس نحو هذا المعنى، ذلك عن ابن عيينة عن عمرو عن طاووس، وفي " الفائق " يقال: غلق الرهن غلوقا إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر على تخليصه، وكان من أفاعيل

<<  <  ج: ص:  >  >>