للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ونقل الخطب عدة أحاديث في ذلك من تفسير الثعلبي وليس لها صحة ولا يثبت شيء منها، والثعلبي حاطب ليل يذكر الغث والسمين.

وأما احتجاجات أصحابنا فيما ذهبوا إليه فأحاديث كثيرة، منها ما رواه مسلم في "صحيحه " من حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، نصفها إلي ونصفها لعبدي، يقول العبد: الحمد لله رب العالمين، يقول الله: حمدني عبدي، يقول العبد: الرحمن الرحيم، يقول الله: أثنى علي عبدي، يقول العبد: مالك يوم الدين، يقول الله: مجدني عبدي، يقول العبد: إياك نعبد وإياك نستعين، يقول الله: هذه بيني وبين عبدي، يقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال الله: فهؤلاء لعبدي» .

قال ابن عبد البر: هذا حديث قد رفع الإشكال في سقوط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من الفاتحة، وهو نص لا يحتمل التأويل، ولا أعلم حديثا في سقوط البسملة أبين منه.

قلت: وجه التمسك به أنه ابتدأ القسمة بالحمد لله رب العالمين دون البسملة، فلو كانت منها لابتدأ بها. وأيضا فقد جعل النصف {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: ٥] فيكون ثلاث آيات لله تعالى في الثناء عليه وثلاث آيات للعبد، وآية بينهما، وفي جعل التسمية منها إبطال هذه القسمة فيكون باطلا. وأيضا أنه قال: يقول العبد: اهدنا الصراط المستقيم إلى آخرها، ثم قال: هؤلاء لعبدي، هكذا ذكره أبو داود والنسائي بإسنادين صحيحين، وهو جمع، فيقتضي ثلاث آيات، وعلى قول الشافعي يكون اثنين وللباري أربع ونصف إذا لم يعدوا {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧] آية، وإن عدوها آية تصير ثماني آيات، وهذا كله خلاف تصريح الحديث بالنصف. والمراد بالصلاة القراءة، ألا تراه كيف فسر القراءة وقسم الآيات، ولم الأفعال.

فإن قلت: لم لا يراد بالقسمة المعنى لا الآي؟ فيكون لله الحمد والثناء والتحميد، وللعبد الخضوع والتذلل.

قلت: هذا باطل، فإن الله تعالى منفرد بالحمد والثناء، والحمد لله الذي لا يكيف بالعبد، والعبد ينفرد بالخضوع والتذلل الذي ينزه الباري عنه، ولا يجوز أن يراد ذلك بقوله: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، مثاله إذا كان ثوب لزيد وعبد لعمرو لا يجوز أن يقول: قسمت

<<  <  ج: ص:  >  >>