للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَعْظَمُهُمْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ نَبِيٌّ غَيْرُهُ وَبَاقِي إِخْوَتِهِ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِمْ، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ مِنْ فِعَالِهِمْ، وَمَقَالِهِمْ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَمَنِ اسْتَدَلَّ عَلَى نُبُوَّتِهِمْ بِقَوْلِهِ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} [البقرة: ١٣٦] . وَزَعَمَ أَنَّ هَؤُلَاءِ هُمُ الْأَسْبَاطُ، فَلَيْسَ اسْتِدْلَالُهُ بِقَوِيٍّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَسْبَاطِ شُعُوبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَا كَانَ يُوجَدُ فِيهِمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الْمُخْتَصُّ مِنْ بَيْنِ إِخْوَتِهِ بِالرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَالْإِيحَاءِ إِلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ إِخْوَتِهِ سِوَاهُ، فَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. وَيُسْتَأْنَسُ لِهَذَا بِمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْكَرِيمُ ابْنُ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ» . انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدَةَ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ بِهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَهُ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>