للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا: قَبِلْتُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ لَيْسَ مَشِيئَةً، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ، فَقَالَتْ: قَبِلْتُ، لَمْ تُطَلَّقْ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْمُتَوَلِّي، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ فِيمَا حَكَى عَنْهُ الْمُعَلِّقُ.

قُلْتُ: هَذَا الثَّالِثُ، هُوَ الْأَصَحُّ بَلِ الصَّحِيحُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَعَلَى الثَّالِثِ: لَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ عَلَى قَاعِدَةِ التَّعْلِيقَاتِ، وَعَلَى الثَّانِي: فِي جَوَازِ رُجُوعِهِ وَجْهَانِ، لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالْمُعَاوَضَةِ.

وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْمَشِيئَةِ بِصِيغَةِ «مَتَى» طُلِّقَتْ مَتَى شَاءَتْ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ كَسَائِرِ الصِّفَاتِ.

وَلَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ إِنْ شِئْتِ، فَلَيْسَ بِجَوَابٍ لَهَا لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعْلِيقِ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ.

وَلَوْ نَكَّرَ فَقَالَ: عَلَى أَلْفٍ وَنَوَى مَا ذَكَرَتْ، فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ. وَإِنْ نَوَى غَيْرَ الدَّرَاهِمِ، فَقَدْ نَقَلَ الْحَنَّاطِيُّ أَنَّهُ يَقَعُ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ وَلَا بَدَلَ، وَخَرَّجَ مِنْ عِنْدِهِ أَنَّهُ لَا طَلَاقَ حَتَّى يَتَّصِلَ بِهِ الْقَبُولُ وَالْمَشِيئَةُ، كَمَا لَوِ ابْتَدَأَ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْحَقُّ.

وَلَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَقَدْ حَكَى وَجْهَيْنِ فِي وُقُوعِهِ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا، وَوَجْهَيْنِ إِنْ وَقَعَ بَائِنًا فِي أَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَمِ الْمُسَمَّى؟ وَمُقْتَضَى جَعْلِهِ مُبْتَدَأً أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ إِلَّا أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ قَبُولٌ وَمَشِيئَةٌ.

الْخَامِسَةُ: فِي حَقِيقَةِ الْإِعْطَاءِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. فَإِنْ سَلَّمَتِ الْمَالَ إِلَيْهِ فَقَبَضَهُ، فَذَاكَ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، كَفَى وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا أَعْطَتْهُ وَهُوَ يُفَوِّتُ حَقَّهُ.

وَقِيلَ: لَا يَكْفِي الْوَضْعُ، فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ غَرِيبٌ. فَإِذَا أَعْطَتْهُ، دَخَلَ فِي مِلْكِهِ عَلَى الصَّحِيحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>