للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالثَّالِثُ: لَا يُجِبْ إِلَّا عِنْدَ الْبَيْنُونَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهَا قَبْلَ الْقَبُولِ. فَأَمَّا إِذَا قَالَتْ: طَلِّقْنِي غَدًا وَلَكَ أَلْفٌ، أَوْ إِنْ طَلَّقْتَنِي غَدًا، فَلَكَ أَلْفٌ، وَهُمَا الصُّورَتَانِ السَّابِقَتَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ التَّطْلِيقِ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ بِهِ يَحْصُلُ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجُ هُنَاكَ يَسْتَحِقُّهُ عِنْدَ التَّطْلِيقِ.

الطَّرَفُ الرَّابِعُ: فِي اخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ، فِيهِ مَسَائِلُ.

الْأُولَى: يَصِحُّ الْخُلْعُ مِنَ الزَّوْجِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، وَيَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ الْمَالُ، هَذَا إِذَا قُلْنَا: الْخُلْعُ طَلَاقٌ. قَالَ الْأَصْحَابُ: فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ فَسْخٌ، لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ بِلَا سَبَبٍ، وَلَا يَجِيءُ هَذَا الْخِلَافُ إِذَا سَأَلَهُ الْأَجْنَبِيُّ الطَّلَاقَ فَأَجَابَهُ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ الْحَاصِلَةَ عِنْدَ اسْتِعْمَالِ الطَّلَاقِ طَلَاقٌ بِلَا خِلَافٍ.

الثَّانِيَةُ: الْخُلْعُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، كَهُوَ مَعَ الزَّوْجَةِ فِي الْأَلْفَاظِ وَالْأَحْكَامِ، وَهُوَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيقِ، وَمِنْ جَانِبِ الْأَجْنَبِيِّ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا ثُبُوتُ جَعَالَةٍ.

فَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: طَلِّقِ امْرَأَتِي وَعَلَيْكَ كَذَا، طُلِّقَتْ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ، وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: طَلِّقْهَا وَعَلَيَّ أَلْفٌ، أَوْ لَكَ أَلْفٌ فَطَلَّقَ، وَقَعَ بَائِنًا وَلَزِمَهُ الْمَالُ. وَلَوِ اخْتَلَعَهَا عَبْدٌ، كَانَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا لَوِ اخْتَلَعَتْ أَمَةٌ نَفْسَهَا.

وَلَوِ اخْتَلَعَهَا سَفِيهٌ، وَقَعَ رَجْعِيًّا كَمَا لَوِ اخْتَلَعَتْ سَفِيهَةٌ نَفْسَهَا.

الثَّالِثَةُ: لَوْ وَكَّلَتِ الزَّوْجَةُ مَنْ يَخْلَعُهَا، فَلَهُ أَنْ يَخْتَلِعَهَا اسْتِقْلَالًا وَبِالْوَكَالَةِ.

فَإِنْ صَرَّحَ بِالِاسْتِقْلَالِ، فَذَاكَ، وَإِنْ صَرَّحَ بِالْوَكَالَةِ، فَالزَّوْجُ يُطَالِبُ الزَّوْجَةَ بِالْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ وَنَوَى الْوَكَالَةَ، فَالْخُلْعُ لَهَا لَكِنْ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْعُهْدَةُ فَيُطَالَبُ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَيْهَا.

وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ وَلَا نَوَى شَيْئًا أَصْلًا، فَالْخُلْعُ لَهَا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَهَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنَ الْوَكَالَةِ فِي الشِّرَاءِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ الْأَجْنَبِيُّ الزَّوْجَةَ لِتَخْتَلِعَ عَنْهُ، وَحِينَئِذٍ تَتَخَيَّرُ الزَّوْجَةُ بَيْنَ أَنْ تَخْتَلِعَ اسْتِقْلَالًا أَوْ بِالْوَكَالَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>