للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّالِثَةُ: سَبَقَ أَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَفِي الْبَلَدِ نَقْدٌ غَالِبٌ نَزَلَ عَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ، بَطَلَتِ التَّسْمِيَةُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَإِنْ نَوَيَا نَوْعًا، فَالصَّحِيحُ الِاكْتِفَاءُ بِالنِّيَّةِ وَلُزُومُ ذَلِكَ النَّوْعِ.

وَقِيلَ: تَفْسُدُ التَّسْمِيَةُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ هُنَا مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الْبَيْعِ.

وَلَوْ قَالَ: خَالَعْتُكِ عَلَى أَلْفٍ وَلَمْ يَذْكُرْ جِنْسًا، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَإِبْهَامِ النَّوْعِ، فَإِنْ نَوَيَا جِنْسًا، تَعَيَّنَ.

وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ هُنَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الْأَجْنَاسِ. وَلَوْ قَالَ: خَالَعْتُكِ عَلَى أَلْفِ شَيْءٍ فَقَبِلَتْ، وَنَوَيَا شَيْئًا مُعَيَّنًا، قَالَ الْقَاضِيَ حُسَيْنٌ: التَّسْمِيَةُ فَاسِدَةٌ لِشِدَّةِ الْإِجْمَالِ، فَيُرْجَعُ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُ غَيْرُهُ.

ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: إِنَّمَا يُؤَثِّرُ التَّعْيِينُ بِالنِّيَّةِ إِذَا تَوَاطَآ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى مَا يَقْصِدَانِهِ وَلَا أَثَرَ لِلتَّوَافُقِ بِلَا مُوَاطَأَةٍ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ آخَرُونَ ذَلِكَ، بَلِ اعْتَبَرُوا مُجَرَّدَ التَّوَافُقِ.

قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي هُوَ الْأَصَحُّ. وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ هُنَا ضَعِيفٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِذَا عَرَفْتَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ، فَلَوْ تَخَالَعَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَطْلَقَا، فَقَالَ الزَّوْجُ: أَرَدْنَا بِالدَّرَاهِمِ النُّقْرَةَ، فَقَالَتْ: بَلْ أَرَدْنَا بِهَا الْفُلُوسَ أَوْ عَلَى أَلْفٍ، فَقَالَ: أَرَدْنَا الدَّنَانِيرَ أَوِ الدَّرَاهِمَ فَقَالَتْ: أَرَدْنَا الْفُلُوسَ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ.

وَقِيلَ: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِلَا تَحَالُفٍ.

فَلَوْ تَوَافَقَا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ النُّقْرَةَ، وَادَّعَتْ أَنَّهَا أَرَادَتِ الْفُلُوسَ وَقَالَ: بَلْ أَرَدْتُ النُّقْرَةَ أَيْضًا، حَصَلَتِ الْبَيْنُونَةُ لِانْتِظَامِ الصِّيغَةِ وَمُؤَاخَذَةً لَهَا، وَتَصَدَّقُ هِيَ بِيَمِينِهَا. فَإِذَا حَلَفَتْ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا نَفَتْ بِيَمِينِهَا النُّقْرَةَ، وَنَفَى هُوَ الْفُلُوسَ.

وَلَوْ تَوَافَقَا أَنَّهَا أَرَادَتِ الْفُلُوسَ، وَقَالَ هُوَ: أَنَا أَرَدْتُ النُّقْرَةَ، وَلَا فُرْقَةَ لِلْمُخَالَفَةِ، فَقَالَتْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>