للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَقْوَالِ السَّابِقَةِ فِي أَنَّ الرُّجُوعَ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَوْ أَرْضَعَتْهَا الْأُمُّ أَرْبَعَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ ارْتَضَعَتِ الصَّغِيرَةُ مِنْهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ الْمَرَّةَ الْخَامِسَةَ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: فِي نَظِيرِهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ، وَهُوَ إِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُتَعَاقِبَاتٍ هَلْ يَتَعَلَّقُ التَّحْرِيمُ بِالثَّالِثَةِ وَحْدَهَا، أَمْ بِالثَّلَاثِ؟ إِنْ عَلَّقْنَا بِالثَّالِثَةِ يُحَالُ التَّحْرِيمُ عَلَى الرَّضْعَةِ الْأَخِيرَةِ، وَتَكُونُ كَمَا لَوِ ارْتَضَعَتِ الْخَمْسَ وَصَاحِبَةُ اللَّبَنِ نَائِمَةٌ، وَلَا غُرْمَ عَلَى الْكَبِيرَةِ، وَيَسْقُطُ مَهْرُ الصَّغِيرَةِ. وَإِنْ عَلَّقْنَا بِالثَّلَاثِ، تَعَلَّقَ التَّحْرِيمُ هُنَا بِالرَّضَعَاتِ، وَعَلَى هَذَا فَقِيَاسُ التَّوْزِيعِ عَلَى الرَّضَعَاتِ أَنْ يَسْقُطَ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ خُمُسُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ مَهْرِ الْمِثْلِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَظْهَرِ.

الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الْمُصَاهَرَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّضَاعِ:

فَمَنْ نَكَحَ صَغِيرَةً، أَوْ كَبِيرَةً، حُرِّمَتْ عَلَيْهِ مُرْضِعَتُهَا، لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ مِنَ الرَّضَاعِ. وَلَوْ نَكَحَ صَغِيرَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ، حُرِّمَتِ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الْمُطَلِّقِ، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ مَنْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ وَلَا نَظَرَ إِلَى التَّارِيخِ فِي ذَلِكَ. وَلَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ كَبِيرَةً فَطَلَّقَهَا، فَنَكَحَتْ صَغِيرًا وَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ الْمُطَلِّقِ، حُرِّمَتْ عَلَى الْمُطَلِّقِ أَبَدًا كَمَا تُحَرَّمُ عَلَى الصَّغِيرِ، لِأَنَّهَا زَوْجَةُ أَبِيهِ. وَلَوْ نَكَحَتْ صَغِيرًا فَفَسَخَتْ نِكَاحَهُ بِغَيْبَةٍ، ثُمَّ نَكَحَتْ آخَرَ، فَأَرْضَعَتِ الْأَوَّلَ بِلَبَنِ الثَّانِي، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا أَبَدًا، لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَارَ ابْنًا لِلثَّانِي، فَهِيَ زَوْجَةُ ابْنِ الثَّانِي، وَزَوْجَةُ أَبِي الْأَوَّلِ. وَلَوْ جَاءَتْ زَوْجَةٌ أُخْرَى لِلثَّانِي، وَأَرْضَعَتِ الْأَوَّلَ بِلَبَنِ الثَّانِي، انْفَسَخَ نِكَاحُ الَّتِي كَانَتْ زَوْجَةَ الصَّغِيرِ. وَلَوْ زَوَّجَ مُسْتَوْلَدَتَهُ بِعَبْدِهِ الصَّغِيرِ، فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ السَّيِّدِ، حُرِّمَتْ عَلَى السَّيِّدِ وَالصَّغِيرِ مَعًا أَبَدًا، وَحَكَى ابْنُ الْحَدَّادِ أَنَّ الْمُزَنِيَّ نَقَلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تُحَرَّمُ عَلَى السَّيِّدِ، وَأَنَّ الْمُزَنِيَّ أَنْكَرَهُ عَلَى الشَّافِعِيِّ، وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى ابْنُ الْحَدَّادِ وَالْأَصْحَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>