للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تُعَدُّ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهَا. وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ، يُنَازِعُهُ فِيمَا وَجَّهَ بِهِ.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ بَابُهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا فِي رَحْبَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ، فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ إِلَيْهَا لِغَيْرِ الْأَذَانِ. وَفِي الْمُؤَذِّنِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: لَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ فِي الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ، وَيَبْطُلُ فِي غَيْرِهِ.

وَالثَّانِي: لَا يَبْطُلُ فِيهِمَا. وَالثَّالِثُ: يَبْطُلُ فِيهِمَا. ثُمَّ إِنَّ الْغَزَالِيَّ فَرَضَ الْخِلَافَ فِيمَا إِذَا كَانَ بَابُهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَهِيَ مُلْتَصِقَةٌ بِحَرِيمِهِ.

وَلَمْ يَشْرُطِ الْجُمْهُورُ فِي صُورَةِ الْخِلَافِ، سِوَى كَوْنِ بَابِهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ. وَزَادَ أَبُو الْقَاسِمِ الْكَرْخِيُّ، فَنَقَلَ الْخِلَافَ فِيمَا إِذَا كَانَتْ فِي رَحْبَةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنِ الْمَسْجِدِ، بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ طَرِيقٌ.

قُلْتُ: لَكِنْ شَرَطُوا كَوْنَهَا مَبْنِيَّةً لِلْمَسْجِدِ، احْتِرَازًا مِنَ الْبَعِيدَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْعُذْرُ فَمَرَاتِبٌ.

مِنْهَا: الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَغُسْلِ الِاحْتِلَامِ، فَلَا يَضُرُّ قَطْعًا.

وَيَجُوزُ الْخُرُوجُ لِلْأَكْلِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ. وَإِنْ عَطِشَ فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَهُ الْخُرُوجُ. وَإِنْ وَجَدَهُ، لَمْ يَجُزِ الْخُرُوجُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحْيَى مِنْهُ، وَلَا يُعَدُّ تَرْكَ مُرُوءَةٍ.

ثُمَّ أَوْقَاتُ الْخُرُوجِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لَا يَجِبُ تَدَارُكُهَا لِعِلَّتَيْنِ. إِحْدَاهُمَا: أَنَّ الِاعْتِكَافَ مُسْتَمِرٌّ فِيهَا، وَلِهَذَا لَوْ جَامَعَ فِي ذَلِكَ، بَطَلَ اعْتِكَافُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ زَمَنَ الْخُرُوجِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مُسْتَثْنَى، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ.

ثُمَّ إِذَا فَرَغَ وَعَادَ، لَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ. وَقِيلَ: إِنْ طَالَ الزَّمَانُ، فَفِي لُزُومِ وُجُوبِ التَّجْدِيدِ وَجْهَانِ وَالْمَذْهَبُ: الْأَوَّلُ. وَلَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ سِقَايَةٌ، لَمْ نُكَلِّفْهُ قَضَاءَ الْحَاجَةِ فِيهَا.

وَكَذَا لَوْ كَانَ بِجَنْبِهِ دَارَ صَدِيقٍ لَهُ، وَأَمْكَنَهُ دُخُولُهَا، لَمْ نُكَلِّفْهُ، بَلْ لَهُ الْخُرُوجُ إِلَى دَارِهِ وَإِنْ بَعُدَتْ، إِلَّا إِذَا تَفَاحَشَ الْبُعْدُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ، إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ فِي طَرِيقِهِ مَوْضِعًا، أَوْ كَانَ لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ أَنْ يَدْخُلَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ غَيْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>