للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٤٥)]

* * *

* قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} [الشعراء: ٤٥].

* * *

قال الله تعالى: {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ} ألقى مُوسَى عصاه بوحيٍ خاصٍّ منَ اللهِ، كما فِي سُورَةِ طه: {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (٦٨) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا} [طه: ٦٨ - ٦٩]، فألقى مُوسَى عصاهُ، {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [بحذفِ إحدى التاءينِ من الأَصْلِ، تَبْتَلِع {مَا يَأْفِكُونَ}]: (تَلَقَّف) (١) ولم يُشِرْ المُفسِّر إِلَى القِراءَة الثَّانيةِ، وهي (تَلْقَف)، أمَّا قِراءَة: (تَلْقَفُ) فليس فيها حذف إحدى التاءينِ، وأما (تلَقَّف) ففيها حذف إحدى التاءين، وأصله: (تَتَلَقَّف)، ومعناهما واحد، يعني: تَبْتَلِع، لكن (تلقّف) تفيد معنًى زائدًا عَلَى (تلْقَف)، فهي تفيد التَّتَبُّعَ، يعني: كأنها جَعَلَتْ تتبع حَتَّى أَفْنَتْهَا كلَّها؛ لِأَنَّهُ إذا كانتِ الحبالُ أمامَها كثيرةً فلا تتبعها، فأيُّ جهةٍ تأخذُ تلقفُ، لكن لَمَّا فَنِيَتْ وقلّتْ صارتْ حَبلًا هنا وحبلًا هنا، فهي تَتَلَقَّفُهُ: تتبعه.

قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [{مَا يَأْفِكُونَ} يَقْلِبُونه بِتَمْوِيهِهِمْ، فيُخَيِّلُون حِبَالَهم وعِصِيَّهم أَنَّهَا حَيَّاتٌ تَسْعَى]، {مَا يَأْفِكُونَ} الإفكُ: الكَذِب، وهذا كَذِب بالفعلِ وليسَ بالقولِ، فهذا كذب فعليٌّ؛ لِأَنَّ الكذبَ القوليَّ يكون باللسانِ، وَهُوَ إخبارُ


(١) السبعة فِي القراءات ص ٢٩٠.

<<  <   >  >>