للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ فِي " الْفُصُول " فِي طَرِيق الحكم: " لَا يَنْبَغِي أَن يَصِيح على الْخصم فِي غير مَوْضُوعه؛ لِأَنَّهُ يمنعهُ من إِقَامَة حجَّته، وَلِهَذَا منعناه فِي المناظرة والجدل، وجعلناه من الشغب " انْتهى.

قَوْله: (وَفِي " الْوَاضِح ": احذر الْكَلَام فِي مجَالِس الْخَوْف، وَالَّتِي لَا إنصاف فِيهَا، وَكَلَام من تخافه، أَو تبْغضهُ، أَو لَا يفهم عَنْك، واستصغار الْخصم، وَلَا يَنْبَغِي كَلَام من عَادَته ظلم خَصمه، والهزء والتشفي لعدواته، والمترصد للمساوئ والتحريف والتزيد والبهت، وكل جدل وَقع فِيهِ ظلم الْخصم اخْتَلَّ فَيَنْبَغِي أَن يحْتَرز مِنْهُ، وَعَلَيْك [بِالصبرِ] والحلم، وَلَا تنقص بالحلم إِلَّا عِنْد الْجَاهِل، وَلَا بِالصبرِ / على الشغب للمسائل إِلَّا عِنْد غبي وترتفع عِنْد الْعلمَاء، وتنبل عِنْد أهل الجدل، وَمن خَاضَ فِي الشغب تعوده، وَمن تعوده حرم الْإِصَابَة، واستروح إِلَيْهِ، وَمن عرف بِهِ سقط سُقُوط الذّرة، وَمن عرف لرئيس فَضله، وَغفر زلَّة نَظِير، وَرفع نَفسه عَن دني مُسلم من الْغَضَب، وفاز بالظفر، وَلَا رَأْي لغضبان، مَعَ هَذَا لَا يسلم أحد من الِانْقِطَاع إِلَّا من عصمه اللَّهِ، وَلَيْسَ حد الْعَالم كَونه حاذقا بالجدل، فَإِنَّهُ صناعَة، وَالْعلم صناعَة، وَهُوَ مَادَّة الجدل، والمجادل يحْتَاج إِلَى الْعَالم وَلَا عكس، وَيَنْبَغِي أَن يحْتَرز فِي كل جدل من حِيلَة الْخصم.

وآداب الجدل يزين صَاحبه، وَتَركه يشينه، وَلَا يَنْبَغِي أَن ينظر لما اتّفق لبَعض من تَركه من الحظوة فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّهُ إِن كَانَ رفيعا عِنْد الْجُهَّال فَهُوَ سَاقِط عِنْد ذَوي الْأَلْبَاب، وَلَا تغتر بخطأ الْخصم فِي مَذْهَب، فَإِنَّهُ لَا يدل

<<  <  ج: ص:  >  >>