للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنَّمَا يذهله ويشغله بِطَلَبِهِ حراسة نَفسه، / الَّتِي هِيَ أهم من مذْهبه، وَدَلِيل مذْهبه، فاجتنب مكالمة من تخَاف، فَإِنَّهَا مميتة للخواطر، مانعه من التثبيت.

وَاحْذَرْ كَلَام من اشْتَدَّ بغضك إِيَّاه، فَإِنَّهَا دَاعِيَة إِلَى الضجر، وَالْغَضَب من قلَّة مَا يكون مِنْهُ، والضجر وَالْغَضَب مضيق للصدر، ومضعف لقوى الْعقل.

وَاحْذَرْ المحافل الَّتِي لَا إنصاف فِيهَا فِي التَّسْوِيَة بَيْنك وَبَين خصمك فِي الإقبال وَالِاسْتِمَاع، وَلَا أدب لَهُم يمنعهُم من [التسرع] إِلَى الحكم عَلَيْك، وَمن إِظْهَار العصبية لخصمك.

والاعتراض يخلق الْكَلَام، وَيذْهب بهجة الْمعَانِي بِمَا يلجأ إِلَيْهِ من كَثْرَة الترداد، وَمن ترك الترداد مَعَ الِاعْتِرَاض، انْقَطع كَلَامه وَبَطلَت مَعَانِيه.

وَاحْذَرْ استصغار خصمك، فَإِنَّهُ يمْنَع من التحفظ، ويثبط عَن المغالبة، وَلَعَلَّ الْكَلَام يَحْكِي فيعتد عَلَيْك بالتقصير.

وَاحْذَرْ كَلَام من لَا يفهم عَنْك؛ لِأَنَّهُ يضجرك ويغضبك، إِلَّا أَن يكون لَهُ غريزة صَحِيحَة، وَيكون الَّذِي بطأ بِهِ عَن الْفَهم فقد الاعتياد، فَهَذَا خَلِيل مسترشد تعلمه، وَلَيْسَ بخصم فتجادله، وتنازعه.

وَقدر فِي نَفسك الصَّبْر والحلم؛ لِئَلَّا تستفزك بغتات الإغضاب، فَلَو لم يكن فِي الْحلم خَاصَّة لَهَا تجتلب، لكَانَتْ مَعُونَة على المناظرة توجب إِضَافَته إِلَيْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>