للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أشاب الصَّغِير وأفنى الْكَبِير ... كرّ الْغَدَاة وَمر الْعشي)

فَلفظ الإشابة حَقِيقَة فِي مَدْلُوله وَهُوَ تبييض الشّعْر، وَلَفظ الزَّمَان الَّذِي هُوَ مُرُور اللَّيْل وَالنَّهَار حَقِيقَة فِي مَدْلُوله أَيْضا، لَكِن إِسْنَاد الإشابة إِلَى الزَّمَان مجَاز، إِذْ المشيب للنَّاس فِي الْحَقِيقَة هُوَ الله تَعَالَى، فَهَذَا مجَاز فِي التَّرْكِيب، أَي: فِي إِسْنَاد [الْأَلْفَاظ] بَعْضهَا إِلَى بعض، لَا فِي نفس مدلولات الْأَلْفَاظ، وَهَكَذَا كل لفظ كَانَ مَوْضُوعا فِي اللُّغَة ليسند إِلَى لفظ آخر، فأسند إِلَى غير ذَلِك اللَّفْظ، فإسناده مجَاز تركيبي، وَمِنْه: قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا تليت [عَلَيْهِم] ءايته زادتهم إِيمَانًا} [الْأَنْفَال: ٢] ، {رب إنَّهُنَّ أضللن كثيرا من النَّاس} [إِبْرَاهِيم: ٣٦] ، فَكل من طرفِي الْإِسْنَاد حَقِيقَة، وَإِنَّمَا الْمجَاز / فِي الْإِسْنَاد الزِّيَادَة إِلَى الْآيَات، والإضلال إِلَى الْأَصْنَام، وَكَذَلِكَ نَحْو: {ينْزع عَنْهُمَا لباسهما} [الْأَعْرَاف: ٢٧] ، وَالْفَاعِل لذَلِك فِي الْكل هُوَ الله تَعَالَى.

وَيُسمى الْمجَاز الْعقلِيّ، والحكمي، ومجاز التَّرْكِيب؛ لِأَن النِّسْبَة إِلَى الْمركب أَمر عَقْلِي، بِخِلَاف الْمجَاز فِي الْمُفْردَات فَإِنَّهُ وضعي فِي اللُّغَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>