للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإمامِه مرةً، بخلافِ الحالةِ الثانيةِ، فإمامُ المذهبِ لم يقلْ بالقولِ أصلًا (١).

الجواب عن المناقشة: أجابَ ابنُ القيّمِ عن المناقشةِ، فقالَ: "هذا فرقٌ عديمُ التأثيرِ؛ إذ ما قالَ به، وصرَّحَ بالرجوعِ عنه بمنزلةِ ما لم يقلْه" (٢).

الدليل الثاني عشر: أنَّنا نُوْجِبُ العملَ بالحديثِ النبوي إذا ثَبَتَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دونَ تفصيلٍ؛ إذ لا نعلم أحدًا مِنْ أئمةِ المسلمين البتة قال: لا نعملُ بحديثِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نعرفَ مَنْ عملَ به، فإنْ جَهِلَ مَنْ بلغه الحديثُ مَنْ عملَ به، لم يحلَّ له أنْ يعملَ به (٣).

ويمكن أنْ يناقش الدليل الثاني عشر: بأنَّ ما ذُكِرَ في الدليلِ مِن عدمِ الالتفاتِ إلى أحدٍ إذا ثبتتْ سنةُ النبي - صلى الله عليه وسلم - هو مِنْ شأنِ المجتهدِ المطلقِ، أمَّا من عداه، فليس له ذلك؛ إذ قد يعملُ بحديثٍ ظاهره الصحة، لكنْ له علةٌ خفيتْ عليه - ولم تخف على مَنْ قبله؛ إذ لم يعملوا بالحديثِ - فيقع في مخالفةِ السلفِ.

الدليل الثالث عشر: إذا فَرَضَ المسلمُ نفسَه بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد سمعَ حديثَه، فهلْ يسعه التأخر عن العملِ بما سَمِعَ؟ ! (٤)، فكذا الحال إذا نُقِلَ إليه حديثُه - صلى الله عليه وسلم -.

ويمكن أنْ يناقش الدليل الثالث عشر من وجهين:

الوجه الأول: أنَّ قولَ تقيِّ الدين السبكي - وهو المستدلُّ بالدليلِ -: "ليفرض المسلم نفسه بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد سمع حديثه ... " (٥)، مدفوعٌ بأنَّ تركَ العلماءِ للعملِ بالحديثِ قادحٌ في صحتِه، أو دالٌّ على نسخِه.

الوجه الثاني: لا تستوي حالة مَنْ سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرةً، وحالة


(١) انظر: المصدر السابق (٦/ ١٦٩).
(٢) المصدر السابق.
(٣) انظر: المصدر السابق (٦/ ١٨٠).
(٤) انظر: معنى قول الإمام المطلبي لتقي الدين السبكي (ص/ ١٠٧).
(٥) انظر: المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>