للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْجمع المكسر سوى مَا على صِيغَة مُنْتَهى الجموع يَصح تثنيته بِتَأْوِيل فرْقَتَيْن

وَجمع التكسير يجْرِي مجْرى الْمُفْرد

وَالْجمع لَا ينْسب إِلَّا فِيمَا لَا يكون لَهُ مُفْرد أصلا ك (الْأَعرَابِي) ، أَو من لَفظه ك (الركباني) فَإِن مفردها (رَاحِلَة) ، أَو يكون علما الْآن، وَإِن كَانَ جمعا ك (أنبار) وَهُوَ اسْم بلد بالعراق، وَكَانَ جمع (نبر) ، أَو يكون جَارِيا مجْرى الْعلم ك (الْأَنْصَار) فَإِنَّهُ فِي الأَصْل جمع (نَاصِر) لنصرتهم الْإِسْلَام

وَالْجمع يُوصف بالمفرد الْمُؤَنَّث بِالتَّاءِ وَهُوَ الشَّائِع، وَقد يُوصف بالمفرد الْمُؤَنَّث بالصيغة، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {من آيَات ربه الْكُبْرَى}

وَالْجمع مَا يكون مَوْضُوعا للآحاد المتكثرة بِاعْتِبَار كَونهَا كَثْرَة لوَاحِد مَفْهُوم من لفظ يَصح أَن يكون مُفردا لَهُ

وَاسم الْجمع وَإِن كَانَ لَهُ مُفْرد من لَفظه إِلَّا أَن وَضعه للآحاد من حَيْثُ هِيَ آحَاد بِلَا مُلَاحظَة كَونهَا كَثْرَة لوَاحِد مَفْهُوم من لَفظه يَصح أَن يكون مُفردا لَهُ وَلِهَذَا لَا تكون أَسمَاء الجموع على صِيغ الْجمع، وَمَا لَا يكون لَهُ مُفْرد مُنَاسِب من لَفظه وَيكون فِيهِ كَثْرَة كالقوم والرهط فَهُوَ اسْم بِمَعْنى الْجمع

والنحويون نصوا على أَنه إِذا كَانَ اللَّفْظ على صِيغَة تخْتَص بالجموع لم يسموه اسْم جمع، بل يَقُولُونَ: هُوَ جمع وَإِن لم يسْتَعْمل واحده

وَاسم الْجمع مُفْرد اللَّفْظ مَجْمُوع الْمَعْنى ك (ركب) و (سفر) و (حجب) بِدَلِيل جَوَاز تصغيره على صيغته، وَالْجمع الْحَقِيقِيّ لَا يجوز تصغيره إِذا كَانَ جمع كَثْرَة، بل يرد إِلَى واحده، أَو إِلَى جمع قلَّة إِن وجد، لجَوَاز تَصْغِير جمع الْقلَّة وَأَسْمَاء الجموع سماعية، صرح بِهِ الْمُحَقِّقُونَ.

وَجمع الْعَاقِل لَا يعود عَلَيْهِ الضَّمِير غَالِبا إِلَّا بِصِيغَة الْجمع، سَوَاء كَانَ للقلة أَو للكثرة؛ وَأما غير الْعَاقِل فالغالب فِي الْكَثْرَة الْإِفْرَاد، وَفِي الْقلَّة الْجمع

وَالْعرب تَقول: (الْجُذُوع انْكَسَرت) لِأَنَّهُ جمع كَثْرَة، و (الأجذاع انكسرن) لِأَنَّهُ جمع قلَّة، كَمَا فِي قَوْله:

(وأسيافنا يقطرن من نجدة دَمًا)

[يحْكى عَن النَّابِغَة وَهُوَ نقاد الْجَاهِلِيَّة أَنه عرض عَلَيْهِ حسان بن ثَابت ميميته فَمَا نبس ثمَّ نقد عَلَيْهِ قَوْله:

(لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى ... وأسيافنا يقطرن من جدة دَمًا)

فَأخذ عَلَيْهِ (الجفنات) ، و (الأسياف) لِأَنَّهُمَا جمع قَلِيل وَالشعر فِي معنى الافتخار فعلية أَن يكثر

وَهَذَا مِمَّا يبعد من مثل النَّابِغَة الذبياني وَحسان ابْن ثَابت، وَلَعَلَّ الْإِشْكَال جَاءَ من النقال]

جمع الْقلَّة: هُوَ الَّذِي يُطلق على الْعشْرَة وَمَا فَوْقهَا بِقَرِينَة، وَمَا دونهَا بِغَيْر قرينَة وَجمع الْكَثْرَة عكس هَذَا

والقلة وَالْكَثْرَة إِنَّمَا يعتبران فِي نكرات الجموع، لَا فِي معارفها وَقد يستعار أَحدهمَا للْآخر من اسْتِعْمَال الْقَلِيل فِي الْكثير وَبِالْعَكْسِ وَمِمَّا وَقع فِيهِ جمع الْقلَّة موقع جمع الْكَثْرَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {كم تركُوا من جنَّات} لِأَن (كم) للتكثير، وَمِمَّا

<<  <   >  >>