للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعياله وأحفاده وتوابعه، وأخذ يبحث عن سبب يؤدى إلى الهجرة ويختلقه، وبناء على هذه الفكرة هيأ مأدبة دعا لها وجوه البلد وأعيانه كما أوجد فيها كثيرين من عامة الناس، وكان بين المدعوين رجل قد تيتم صغيرا فبسط‍ عمرو عليه حمايته وصحبه ورباه حتى أصبح فى زمن قصير من أغنياء أهالى مأرب الأوائل وتزوج باختيار عمرو وتصويبه واكتسب مكانة بين الأهالى، وقد دعا عمرو مزيقيا ذلك الشخص قبل إقامة المأدبة خفية وقال له منبها: «إننى سآمرك فى أثناء الطعام ببعض الأوامر فعليك أن تتحرك خلاف أوامرى، ويجب أن تخالف جميع أقوالى وإذا سببتك فقابلنى بالمثل وأظهر لى الخصومة قولا وفعلا وإذا لزم الأمر اصفعنى عدة صفعات!! وعندما أخبره الرجل أنه لن يستطيع أن يقوم بمثل هذا السلوك المشين ولن يتجرأ على ذلك، فرجا منه عمرو أن يوافق على اقتراحه مبينا له أن هذا العمل سيكون محض خير فى حقه وحق عمرو، ولما حل يوم الوليمة وأخذ الأهالى يتوافدون زرافات، وشغلوا بالطعام وأخذوا يأكلون ويشربون متآنسين ومتحدثين، عندئذ أحضر عمرو مزيقيا الشخص الذى اتفق معه وطلب منه أن يهيئ بعض الأشياء اللازمة للمجلس وأن يحضرها ولكنه قوبل بمعاملة غير لائقة، فأظهر عمرو الحدة وبادر بضربه بالعصا التى فى يده مهددا، إلا أن الرجل أخذ العصا من يد عمرو رئيس البلد ولكمه عدة لكمات، وساد الوجوم فى المجلس وسر بعض الناس اغتمّ الآخرون، وقد تأثر عمرو مزيقيا من إهانته وعدم إعانة أولاده وأحفاده وأعوانه فأقسم على أنه سينتقل ويرتحل من سبأ. وأعلن أنه سيبيع كل ما يملكه ويهاجر إلى بلاد أخرى فى المجلس نفسه.

وطمع بعض من لهم نفوذ من الأهالى فى الرياسة كما طمع آخرون فى شراء أموال عمرو بثمن رخيص حتى يغتنوا ومن هنا أظهروا سرورهم من هجرة عمرو وأقبلوا على شراء ممتلكاته، كما أن عمرو أخذ معه أولاده وأحفاده وزوجاته ومن يتبعونه من أعوان وخرج من حدود بلاد سبأ.

وبناء على بعض الأقوال أن عمرو مزيقيا مات قبل ظهور «سيل العرم» (١)


(١) قد كتبت كيفية حدوث سيل العرم فى الصورة الثالثة بالوجهة الأولى من مرآة الجزيرة استطرادا.

<<  <  ج: ص:  >  >>