للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفات الأولياء، بأنهم من المؤمنين والمتقين، فأين الكرامات المختلقة لهم، وأين التوسلات والاستغاثات الشركية، لكن الأمر كما قيل:

إذا أخذ ما وهب ... سقط ما وجب

الجواب عن العنصر الثالث:

الخلف لم ينتهجوا منهج السلف، فأثبتوا صفات المعاني والمعنوية، وأولوا الصفات الخبرية كالاستواء والنزول واليدين، فهذا التأويل لا يستطيعون أن يثبتوا عليه دليلا من القرآن ولا من السنة ولا من أقاويل الصحابة ولا من التابعين ولا من الأئمة، وإنما أخذوه متأثرين من آراء المعتزلة والجهمية الذين فكروا بعقولهم إننا لو أنكرنا النصوص القرآنية في الصفات الإلهية كفرنا، ولو أثبتنا ونحن عندنا من علم الفلسفة والمنطق ما يقودنا إلى عدم إثبات هذه الصفات، فالأولى أن تؤول ونلتمس من اللغة العربية، ما يكون لنا مسوغا فأخذوا من قول الشاعر:

قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ودم مهراق

بأن معناه قد استولى

وأخذوا من قول العرب لفلان على فلان يد بمعنى نعمة وفلان له يد طولى في العلم أو القوة أو الحكم.

فأولوا تلك الصفات مستندين إلى ذلك والحال أنه قد رد العلماء تأويلاتهم بما لا يدع شكا إنها مبنية على شفا جرف هار، وقد بسط الحافظ ابن القيم في الصواعق المرسلة بما لا مزيد بعده ولا نطيل به الكلام. ثانيا: أنهم زعموا أنهم اتبعوا أبا الحسن الأشعري وقد كان إماما عظيما وهو بريء من هذه التأويلات، وكتابه الإبانة، وكتابه مقالات الإسلاميين، يبرهنان أوضح برهان أن الإمام أبا الحسن رجع عن هذه الآراء لأنه كان أولا معتزليا صرفا ثم رجع وتوسط بين المذهبين، أثبت بعض الصفات وأول بعض الصفات، ثم رجع أخيرا إلى مذهب السلف كما ترجم له الشيخ تاج

<<  <   >  >>