للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على التمثيل والتجسيم، لما كانوا منقولين من الوثنية والكفر، إذ هذا هو الوثنية بعينها، ولا كان هناك معنى لهداية البشر، ولا فائدة في القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم.

ولا يخفى أن في هذا طعنا في القرآن والرسول، إذ قد أتيا بما يدل على التجسيم والتشبيه كما يلزم الطعن في المسلمين السابقين والعلماء الراسخين والعوام الموحدين، لأنهم اعتقدوا ما دلت عليه الآيات والأحاديث.

فإن قالوا: لا نقول بموجب ذلك، بل نبرأ إلى الله مما هنالك، بل قصدنا تنزيه الله وبعده عن النقائص.

قلنا لا بأس، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أحق منكم بالتنزيه، والمسلم لا يكون مسلما إلا بإقراره بالله وتوحيده، وتنزيهه عن الكفء والمثيل، ولكن لا ينزه الله عما وصف به نفسه، وأنتم قد نزهتموه عن الصفات التي وصف بها نفسه، فلو كان ما تقولون حقا لنزهه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أصحابه رضوان الله تعالى عليهم بمثل ما نزهتموه به، ولكن لم يثبت شيء من ذلك.

ولو كان ما تقولون حقا لبينه النبي صلى لله عليه وسلم للأمة وهو مأمور بالبيان والتبليغ، فيلزم من قولكم أنه لم يبين ما هو واجب البيان، وهذا طعن في الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر الله تعالى في الآية آنفة الذكر، إنه تبيان لكل شيء، فأين بيان الله عز وجل لهذه التأويلات، وأين بيان الرسول صلى لله عليه وسلم؟

وكيف يبين الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة كل ما يحتاجون إليه، حتى آداب قضاء الحاجة، ولا يبين لهم ما يعتقدونه في ربهم ومعبودهم.

وإذا كان ظاهر النصوص يدل على التشبيه والتجسيم، ومن العلوم أن التجسيم والتشبيه ضلال، والضلال نقيض الهدى، فأين قول الله تعالى في وصف كتابه {هُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} ؟ وقال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} ، وكيف يقول {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} وهل يأمر الله تعالى باتباع الضلال.

<<  <   >  >>