للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة: حُكم نسبة هذا الرأي إلى الشذوذ:

بعد عرض هذا الرأي ودراسته فالذي يظهر أن نسبة القول بجواز الزيادة على أربع تكبيرات في صلاة الجنازة إلى الشذوذ غير صحيحة؛ لأنه لم يخالف إجماعاً صحيحاً، ولم يعارض نصّاً في المسألة، وهو فعل دائر بين فاضل و مفضول، وقد ثبت عن السلف أنهم (تارة يكبرون على الجنازة أربعاً وتارة خمساً وتارة سبعاً، كان فيهم من يفعل هذا وفيهم من يفعل هذا. كل هذا ثابت عن الصحابة … فهذه الأمور وإن كان أحدها أرجح من الآخر فمن فعل المرجوح فقد فعل جائزاً. وقد يكون فعل المرجوح أرجح للمصلحة الراجحة كما يكون ترك الراجح أرجح أحياناً لمصلحة راجحة) (١)، (ومنها التكبير على الجنائز يجوز على المشهور: التربيع والتخميس والتسبيع وإن اختار التربيع. وأما بقية الفقهاء فيختارون بعض ذلك ويكرهون بعضه) (٢).

قال الإمام أحمد: (صلى علي -رضي الله عنه- على جنارة أبي قتادة فكبر عليها سبعاً، وهو أكثر ما جاء فيه من التكبير على الجنارة فلا يزاد على السبع) (٣)، وقد سبق أن الأصح والأكثر هو الأربع، (وما جمع عمر عليه الناس أصح وأثبت، مع صحة السنن فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كبر أربعاً، وهو العمل المستفيض بالمدينة، ومثل هذا يحتج فيه بالعمل؛ لأنه قلّ يوم أو جمعة إلا وفيه جنازة، وعليه الجمهور) (٤)، فـ (الأربع أولى؛ لاستقرار الأمر عليها) (٥)، (والنجاشي مع كونه له مزية كبيرة اقتصر عليه


(١) مجموع الفتاوى (٢٤/ ١٩٧ - ١٩٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٢/ ٧٠).
(٣) مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبدالله ص (١٣٩).
(٤) التمهيد (٦/ ٣٤٠).
(٥) العزيز شرح الوجيز (٢/ ٤٣٥)، تنبيه علي -رضي الله عنه- على أنه بدري حين زاد دليل على استقرار الأمر على أربع؛ لأنه لو كان معروفاً عندهم لم ينبه عليه، ولما كبر زيد -رضي الله عنه- خمساً سئل عن هذه الزائدة؛ لأن المعروف عندهم أربع.

<<  <  ج: ص:  >  >>