للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التسلط اليهودي في الجانب الاقتصادي]

قال تعالى في وصف المؤمنين: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [البقرة:٣] (ينفقون) أي: في أوجه البر، وفيما شرعه الله تبارك وتعالى لهم، أما الذين كفروا فقال تعالى: {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:٣٦] إذاً: هؤلاء اليهود الذين معهم المليارات، أغنى رجل في العالم الذي عنده مائة وتسعة وأربعون مليار دولار، رجل صاحب شبكة الإنترنت رجل يهودي، لديهم مليارات لا تنتهي، وهذه المليارات يجندونها لخنق المسلمين في ديارهم بسبب غفلة أبناء المسلمين، شهادة (الأيزو) التي ابتدعها اليهود حتى يفتكوا بالصناعة في ديار المسلمين، تلقفها أبناء المسلمين المغفلون وهم لا يعلمون حقيقة ما ينصب ولا حقيقة ما يدبر لهم.

شهادة (الأيزو) مفهومها: أنك كلما صنعت صناعة فاعرضها علينا، واعرض علينا البضاعة، فإذا رأينا أنك وصلت إلى نسبة من الجودة حددناها لك وأعطيناك هذه الشهادة، فكلما جود المسلمون عملاً عرضوه على أعدائهم نحن وصلنا إلى هذا المستوى! فيقال: بكم تبيع -مثلاً- هذه السلع؟ أبيعها -مثلاً- بمائة جنيه، إذاً: هو سيعرف أنك وصلت إلى هذه الجودة وستبيع بالسعر الفلاني، إذاً هو سينزل بضاعة أجود منها وبأقل من سعرك، فتكون النتيجة أن مصنعك يتوقف بلا أدنى مجهود، بعدما يعطيه الجهد، ونتاج العرق والشغل، يقول له: أنت تستحق الشهادة، تفضل، علق الشهادة على الجدار، وهكذا! المسألة مكشوفة في ديار المسلمين.

ثم يقولون لهم: إن الذي يحصل على شهادة الجودة سوف يكون له محل في النظام العالمي الجديد الذي أصبح فيه التكتل الاقتصادي أهم من السياسة، اتفاقيات (الجات) هي اتفاقيات اقتصادية وارتباطات، يقولون: الدولة التي لا تشترك في اتفاقيات الجات ستموت، لن نستورد منها ولن نصدر لها، إذاً: ديار المسلمين ديار مستهلكة، وكل البضاعة التي فيها آتية من الخارج، إذاً: ستتوقف الحياة في بلاد المسلمين إذا منعوا الاستيراد أو منعوا التصدير.

يقول لك: ما دام أنك عارف أنك ستموت لابد أن تشترك في اتفاقيات الجات.

تقول: أنا مشترك.

يقول لك: لا، ليس بهذه البساطة ولا بهذه السهولة، في مقابل هذه الاتفاقيات، فإن الدول -التي نصت على الاتفاقية- لها تصور للبنية الاجتماعية، ليس هكذا ببساطة تقول: أنا سوف أشترك، أو أترك الاشتراك، فلابد من تحرير الناس، ولابد أن الناس تتحرر بمحض إرادتها وعلى هواها وعلى كيفها.

تقول: فماذا تريدون؟ يقولون: ما معنى أن النساء يتحجبن؟ ما معنى أن المرأة تظل في البيت؟ هذا تخلف، ومن شرط قبولك عضواً في اتفاقيات (الجات) أن تخضع للتغييرات الاجتماعية التي نطلبها منك.

لذلك عقد مؤتمر السكان وما تلا مؤتمر السكان حتى هذه اللحظة التي أتكلم فيها، من تجريم ختان المرأة، ومن مد سنوات الاختلاط بين البنت والولد بعدما كان يفصل بين البنت والولد في فترة جزئية في المرحلة الإعدادية والثانوية، ثم يعودون ثانية يختلطون في الجامعة، يقول لك: الاختلاط من أول ابتدائي إلى أن يخرج من الجامعة، وبعد ذلك دخول المرأة البرلمان، ثم بعد ذلك تصير المرأة عمدة، وبعد ذلك المجلس القومي للمرأة، وبعد ذلك وثيقة الزواج الجديدة، هم حرموا تعدد الزوجات، وكنت أقول في نفسي: كيف يحرمون تعدد الزوجات؟! يستحيل أن يستطيعوا أن يحرموا تعدد الزوجات؛ لأن هناك نصاً في القرآن وإذا بشيطان من شياطين الإنس يبتكر وسيلة شيطانية لتحريم تعدد الزوجات، ويقول لك في القسيمة الجديدة: ثلاثة أسئلة توجه إلى الطرفين، هذا السؤال يقول للمرأة: هل تقبلين أن يتزوج زوجك عليك؟ طبعاً: يستحيل أن أية امرأة في الدنيا -والرجل متقدم لها أول مرة- توافق على أن يعدد زوجها عليها، ولو وجد لكان عشر عشر عشر عشر في الألف، امرأة واحدة من كل مليون، فطبعاً لن تقبل المرأة، فيكتب في قسيمة الزواج (لا أقبل أن يعدد زوجي عليَّ)، وفي حال أنه عدد عليها طبعاً المسألة لا تأتي مرة واحدة، لا زال، وستذكرون ما أقول لكم ولو بعد خمسين عاماً، القسيمة الجديدة: أن من خالف هذه الشروط يدفع عشرة آلاف جنيه أو يسجن، فيكبل الإنسان ولا يستطيع أن يخالف ما كتب في القسيمة.

إذاً: منعوا التعدد، أول ما تقول له: أنت حرمت التعدد؟ يقول: لا، أنا ما حرمته، أنا كيف أحرم؟ أنا فقط أسأل هذا

السؤال

هل توافقين؟ يا أخي! إذا وافقت أنا لا أعترض، وهو يعلم أنها لن توافق، إذاً: بهذا لن يخالف حكم الله، وفي نفس الوقت منع التعدد.

هذا تغيير كامل للبنية الاجتماعية، إما أن تفعل هذا وإلا نخرجك من اتفاقيات (الجات)، إذاً تموت، تنتج في بلدك وتبله وتشرب ماءه، وأنت طبعاً لا تنتج شيئاً في بلدك، لا يوجد في البلد شيء، فأنت مضطر لاستيراد كل شيء؛ إذاً: لازم تدخل غصباً عنك، ولازم تغير البنية الاجتماعية غصباً عنك أيضاً.

فانظر كيف أحاطوا بنا إحاطة السوار بالمعصم! نحن في غاية الضعف والهوان، ومع ذلك الصوت يجلجل: إننا إذا رجعنا إلى الله، وحققنا شرط العبودية التي أمرنا الله عز وجل بها؛ إننا لمنصورون عليهم مع ذلنا وضعفنا وقلتنا.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.