للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآية: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِه} الآية١ قال: لا أدري قال مالك: الآية، أو في الحديث٢.

وروى البخاري في صحيحه بسنده عن قيس بن عباد، قال: "كنت جالسا في مسجد المدينة، فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة، فصلى ركعتين تجوَّز٣ فيهما، ثم خرج وتبعته، فقلت: إنك حين دخلت المسجد قالوا: هذا رجل من أهل الجنة، قال: والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم٤، وسأحدثك لم ذاك؟ رأيت رؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، ورأيت كأني في روض، ذكر من سعتها، وخضرتها، وسطها عمود من حديد أسفله في الأرض، وأعلاه في السماء، في أعلاه عروة، فقيل لي: ارق، قلت: لا أستطيع، فأتاني مِنْصَف٥ فرفع ثيابي من خلفي، فرقيت حتى كنت في أعلاها، فأخذت العروة فقيل لي: استمسك فاستيقظت وإنها لفي يدي، فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تلك الروضة: الإسلام، وذلك العمود، عمود الإسلام، وتلك العروة عروة الإسلام، فأنت على الإسلام حتى تموت"، وذاك الرجل: عبد الله بن سلام٦.

وقد روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أبناه: يوسف ومحمد، وأبو هريرة، وأبو بردة بن أبي موسى الأشعرى، وعطاء بن يسار وغيرهم، وشهد مع سيدنا عمر رضي الله عنه فتح بيت المقدس والجابية، وقد عده بعضهم في


١ فإن قيل السورة مكية؟ قلنا: لا ينافي هذا كون السورة مكية، فقد حزم بعض العلماء بأن الأحقاف مكية إلا هذه الآية، ولا مانع أن تكون السورة كلها مكية، وتقع الإشارة فيها إلى ما سيقع بعد الهجرة، من شهادة عبد الله بن سلام.
٢ يعني أن نزول الآية في حق عبد الله قاله الإمام مالك من قبل نفسه، أو هو مروي في الحديث، وقد رجح الحافظ في الفتح" أنها من قول مالك.
٣ أي تخفف فيهما.
٤ هذا إما أن يكون قاله تواضعا، أو لبيان أنهم إن قالوا ذلك فإنما قالوه عن علم؛ لأنه ليس لأحد من أهل العلم والتثبت أن يقول ما لا يعلم، ويؤيد هذا القصة التي ذكرها.
٥ بكسر الميم وسكون النون وفتح الصاد: أي خادم.
٦ صحيح البخاري، باب فضائل الصحابة، باب مناقب عبد الله بن سلام.

<<  <   >  >>