للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قهرمانتها (١) مسؤولة عن المظالم، وبذلك تعدى الأمر جلوس الوزراء للمظالم إلى جلوس بعض النساء (٢)، فانظر إلى ما بلغه نفوذ تلك المرأة الرومية، بل إِنها إذا غضبت هي أو قهرمانتها، من أحد الوزراء، أصبح مصيره العزل لا محالة. وقال ابن كثير: «كان المقتدر يبذر ويفرط في الأموال وطاعة النساء، وعزل وزراء حتى قيل: إن جملة ما صرفه في الوجوه الفاسدة والتبذير ما يقارب ٨٠ ألف ألف دينار «٨٠ مليون دينار» (٣). ومما يدل على شدة سيطرتها، أن القاهر لما تولى الخلافة استدعى أم المقتدر وهي مريضة، وقد تزايد بها الوجع من شدة جزعها على ولدها حين بلغها قتله، وكيف بقي مكشوف العورة فبقيت أياماً لا تأكل شيئاً، ثم وعظها النساء حتى أكلت شيئاً يسيراً من الخبز والملح، ومع هذا كله استدعاها القاهر، فقررها على أموالها، فذكرت ما يكون للنساء من الحلي والمصاغ والثياب، ولم تقر بشيء من الأموال والجواهر، وقالت له: لو كان عندي من هذا شيء ما سلمت ولدي، فأمر بضربها وعلقت من رجليها، ومسها بعذاب شديد من العقوبة وأشهدت على نفسها ببيع أملاكها، وأرادها على بيع أوقافها، فامتنعت من ذلك وأبت أشد الإباء (٤).


(١) القهرمانة: هي مديرة البيت ومسئولة شؤونه، ومنه القول المأثور المرأة ريحانة وليست بقهرمانة. انظر المعجم الوسيط ٢/ ٧٧٠.
(٢) انظر الكامل في التاريخ ٨/ ٤٤٣، باختصار وتصرف.
(٣) انظر البداية ١٥/ ٥٩، ٦٠.
(٤) انظر البداية والنهاية ١٥/ ٦٣.

<<  <   >  >>