للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذا تعذر بهما الْقَضَاء فَبَيِّنَة رب المَال أولى لانها تثبت مَا لَيْسَ بِثَابِت.

أَفَادَهُ الاكمل.

وَهَذَا يُنَافِي مَا قدمه من أَن الْبَيِّنَة للْمُضَارب إِذْ هُوَ عِنْد تعَارض الْبَيِّنَتَيْنِ وَإِلَّا فَهِيَ لمن أَقَامَهَا، إِلَّا أَن يحمل على أَن الْبَيِّنَة أَقَامَهَا الْمضَارب فَقَط وَهُوَ بعيد، لانه إِذا انْفَرد كل بِإِقَامَة الْبَيِّنَة قبلت مِنْهُ فَلَا وَجه للتخصيص.

وَحَاصِله: أَنه لم يظْهر وَجه مَا ذكره لَان الْمَفْهُوم من تَصْوِير صَاحب الدُّرَر والعزمية أَنَّهُمَا اتفقَا على الْمُضَاربَة وَاخْتلفَا فِي الْوَقْت وَأَقَامَا بَيِّنَة وأرخت الْبَيِّنَتَانِ يقْضِي بالمتأخرة فَلَا يُقَال: وَإِلَّا لانهما إِذا لم يوقتا لَا حَاجَة إِلَيْهِمَا بعد الِاتِّفَاق على الْمُضَاربَة، إِلَّا أَن يُقَال: إِلَّا أَن الِاخْتِلَاف فِي التَّوْقِيت مَبْنِيّ على الِاخْتِلَاف فِي النَّوْع، لَكِن الْمَفْهُوم خِلَافه.

قَالَ خير الدّين الرَّمْلِيّ: وَجهه أَن الْمضَارب بقوله مَا سميت لي تِجَارَة بِعَينهَا يَدعِي التَّعْمِيم وَهُوَ أصل فِي الْمُضَاربَة فَالْقَوْل قَول من يَدعِيهِ وَرب المَال بِدَعْوَاهُ النَّوْع ادّعى التَّخْصِيص وَهُوَ خلاف الاصل فِيهَا، وَالْبَيِّنَة للاثبات والاثبات على من خَالف الاصل.

وَأَقُول: على هَذَا الِاخْتِلَاف بَين الْوَكِيل وَالْمُوكل فِي ذَلِك على الْعَكْس.

تَأمل.

قَالَ فِي الْبَحْر فِي الْوكَالَة: أَمرتك بالاتجار فِي الْبر وَادّعى الاطلاق فَالْقَوْل للْمُضَارب لادعائه عُمُومه.

وَعَن الْحسن عَن الامام أَنه لرب المَال، لَان الاذن يُسْتَفَاد مِنْهُ، وَإِن برهنا فَإِن نَص شُهُود الْعَامِل أَنه أعطَاهُ مُضَارَبَة فِي كل تِجَارَة فَهُوَ أولى لاثباته الزِّيَادَة لفظا وَمعنى، وَإِن لم ينصوا على هَذَا الْحَرْف فلرب المَال.

اهـ.

قَوْله: (جَازَ) فَيكون عاقدا من الْجَانِبَيْنِ كَمَا فِي النِّكَاح وَهبة الاب من طِفْله.

قَوْلُهُ: (وَقَيَّدَهُ الطَّرَسُوسِيُّ) أَيْ بَحْثًا مِنْهُ.

وَرَدَّهُ ابْنُ وَهْبَانَ بِأَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِإِطْلَاقِهِمْ بِرَأْيِهِ مَعَ قيام الدَّلِيل على الاطلاق.

واستطهر ابْنُ الشِّحْنَةِ مَا قَالَهُ الطَّرَسُوسِيُّ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ: أَي وَيكون هَذَا التَّقْيِيد مُرَاد من أطلق ليحصل بِهِ نفي التُّهْمَة، لَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ: لَيْسَ لِلْوَصِيِّ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَخْذُ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَة فَهَذَا يُفِيد الْمَنْع مُطلقًا.

قَوْله: (بِأَنْ لَا يَجْعَلَ الْوَصِيُّ لِنَفْسِهِ مِنْ الرِّبْحِ أَكثر مِمَّا يَجْعَل لامثاله) بِأَن كَانَ الْغَيْر يَجْعَل للْيَتِيم النّصْف مِنْهُ فَجعل الْوَصِيّ الثُّلُث لَهُ.

قَوْله: (وَتَمَامه فِي شرح

الْوَهْبَانِيَّة) أَي لِابْنِ الشّحْنَة، لانه إِذا أطلق شرح الْوَهْبَانِيَّة ينْصَرف إِلَيْهِ، كَمَا إِذا أطلق شرح الْكَنْز ينْصَرف للشَّارِح الزَّيْلَعِيّ، وَكَذَا شرح الْوِقَايَة للشَّارِح الشمني، وَشرح الْهِدَايَة لصَاحب فتح الْقَدِير، وَشرح الْقَدُورِيّ للجوهرة كَمَا هُوَ مُقْتَضى كَلَامهم.

وَعبارَة ابْن الشّحْنَة: حَيْثُ قَالَ بعد الَّذِي ذكره الشَّارِح: حَتَّى لَو كَانَ النَّاس يَعْتَقِدُونَ الْمُضَاربَة بِالنِّصْفِ حَتَّى عقدهَا هُوَ لنَفسِهِ فِي مَال الصَّغِير بِالثُّلثِ لَا يجوز لَهُ ذَلِك، وَقَالَ: إِنَّه مَا زَاد ذَلِك إِلَّا دفعا لما توهمه عبارَة الذَّخِيرَة من الْجَوَاز للتَّعْلِيل بالاستنماء وَعدم الِاسْتِحْقَاق فِي مَال الصَّغِير، وَإِنَّمَا هُوَ من الرِّبْح الْحَاصِل بِعَمَل الْمضَارب، وَقَالَ إِنَّه لم يقف على هَذَا التَّقْيِيد فِي كَلَام الاصحاب، وَلكنه يَنْبَغِي أَن يكون كَذَلِك نظرا للصَّبِيّ.

وتعجب المُصَنّف من تَقْيِيده بِمَا أطلقهُ الْمَشَايِخ بِرَأْيهِ مَعَ قيام الدَّلِيل على الاطلاق لانه نفع صرف، ووثوق الْوَصِيّ بِنَفسِهِ لَيْسَ كوثوقه بِغَيْرِهِ، نعم لَو جعله من بَاب الدّيانَة والمروءة لَكَانَ حسنا، لَكِن لَو عقد بِأَقَلّ صَحَّ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>