للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقل العطار عن الزركشي أنه قال: "والظاهر أن الأعراض١ تتفاوت فمنها ما هو كالكليات، وهو الأنساب، وهي أرفع من الأموال، فإن حفظها تارة بتحريم الزنا، وتارة بتحريم القذف المفضي إلى الشك في الأنساب، وتحريم الأنساب مقدم على الأموال، ومنها ما هو دونها، وهو ما عدا الأنساب أي ومن الأعراض ما هو دون الكليات، فهو دون الأموال، لا في رتبتها كما زعمه المصنف"٢ يعني ابن السبكي.

واستشكل العبادي تصوير الحالة التي ليس فيها تطرق الشك في الأنساب حتى تكون في رتبة المال، أو دونه، وبيّن وجه تصور ذلك وناقشه بما نصه: "وقد يشكل تصوير الحالة التي ليس فيها تطرق الشك في الأنساب حتى يكون في رتبة المال كما قال الكمال، أو دونه كما قال شيخ الإسلام٣، تقريراً لما قاله الزركشي، إذ الرمي بالزنا مطلقاً فيه الشك المذكور.

وقد تصور تلك الحالة باللواط، فإن المراد بالزنا ما يشمله، وليس فيه ذلك التطرق، لأنه ليس محلاً للإيلاد، وعلى هذا فقد يشكل كون العرض في هذه الحالة في رتبة المال، أو دونه، لأن الإنسان المعتبر يتأثر بالقدح فيه باللواط ملا يتأثر بفوات ماله، خصوصاً مقدار ربع دينار ونحوه.

قال: "وقد يحمل الزركشي القذف على مطلق الشتم، ويريد بالحالة التي


١ الأعرض جمع عرض، والعرض بالكسر: النفس وجانب الرجل الذي يصونه من نفسه وحسبه أن ينتقض أو يثلب، أو سواء كان في نفه أو سلفه أو من يلزمه أمره، أو موضع المدح أو الذم، أو ما يفتخر به من حسب أو شرف، وقد يراد به غير ذلك.
انظر: نشر البنود ٢/١٧٨.
٢ انظر: حاشية العطار على المحلى ٢/٣٢٣.
٣ هو: زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري المصري، الشافعي، أبو يحيى شيخ الإسلام، القاضي المفسر المحدث، ولد في سنبكة شرقي مصر سنة ٨٢٣هـ، وتعلم بالقاهرة حتى ظهر فضله، تولى القضاء والتدريس والتأليف له مؤلفات كثيرة في فنون متعددة، منها في التفسير فتح الرحمن ط، وتحفة الباري على صحيح البخاري، ط، ولب الأصول وشرحه غاية الوصول في أصول الفقه، وغيرها، توفي سنة ٩٢٦هـ.
انظر: الأعلام للزركلي ٣/٨٠-٨١.

<<  <   >  >>