للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنه ما يقع على معارضة قاعدة معتبرة كالكتابة، فإنها وإن كانت مستحسنة في العادات إلا أنها في الحقيقة والواقع بيع الرجل ماله بماله، وهو غير معقول١.

وعلل الغزالي سلب العبد أهلية الشهادة بأنه "لو قبلت شهادته في حال العدالة لكان ذلك كقبول فتواه وروايته، ولكن لما كان الرقيق نازل القدر والرتبة، ضعيف الحال والمنزلة بإثبات يد الاستيلاء عليه والتسخير، وكانت الشهادة ونفوذها على الغير منصباً علياً ومقاماً سنياً لم يكن ذلك لائقاً بحاله، فيفهم مقصود الشرع في سلبه الأهلية على هذا الوجه، ففيه نوع مناسبة تتميز عن قول القائل: أنه لا تقبل شهادته، لأنه لا تجب عليه الجمعة مثلاً كالصبي، فإن سقوط التكليف بالجمعة لا ينبئ بحال عن سقوط أهلية الشهادة، بخلاف ما ذكرناه" ٢.

لكن قد يقال أن سقوط الجمعة عنه لنقص فيه، وهذا المعنى بعينه هو الذي لم تقبل شهادته لأجله.

هذا وقد عقد ذلك كله صاحب مراقي السعود مبيناً الأقسام ومراتبها ومحل الوفاق منها بقوله:

ثم المناسب عنيت الحكمة ... منه ضروري وجا تتمه

بينهما ما ينتمي للحاجي ... وقدم القوي في الرواج

دين فنفس ثم عقل نسب ... مال إلى ضرورة تنتسب

ورتبن ولتعطفن مساويا ... عرضاً على المال تكن موافيا

فحفظها حتم على الإنسان ... في كل شرعة من الأديان

ألحق به ما كان ذا تكميل ... كالحد فما يسكر القليل

وهو حلال في شرائع الرسل ... غير الذي نسخ شرعه السبل


١ انظر: المحصول ص ٣٠٦ –خ-، البرهان ٢/٩٢٥-٩٢٦ط، المختصر مع شرحه ٢/٢٤٠، البحر المحيط ٣/١٥٣.
٢ انظر: شفاء الغليل ص ١٦٩.

<<  <   >  >>