للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذهاب بهم إلى الهلكة وإلى النار، والعياذ بالله -تبارك وتعالى-، {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} نعم، هم الظالمون لأنفسهم، والظالمون لأمتهم، والظالمون لدينهم، والظالمون لقرآنهم، ولسنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- حين تجافى قولهم مع فعلهم، وحين أعرضوا عن حكم الله -تبارك وتعالى-، وحكم النبي -صلى الله عليه وسلم، وبحثوا عن أحكام أخرى تتوافق كما يَرونه موافقًا لمصلحتهم.

وفي الحقيقة، فإن القرآن الكريم حدثنا عن طائفةٍ من الناس، اقترابها من منهج الإيمان بمقدار انتفاعها منه، لو كلفهم الإيمان مثلًا تكلفة مالية أو بدنية، في الجهاد في الصدقات كذا- ربما تثاقلوا ولم يستجيبوا: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (الحج: ١١) والعياذ بالله! هؤلاء صنف من الناس -كما قلنا- اقترابهم من منهج الإيمان هو اقتراب نفعي مبنيّ على المصلحة، ليس على صدق اليقين، وعلى قوة الاعتقاد، وعلى الفهم الناضج الذي بمقتضاه يعلمون أن ما حكم به الله تعالى وما حكم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو سيد الأحكام، وأعدل الأحكام وخير الأحكام، لكنهم نظروا فقط بمقدار منفعتهم العاجلة التي يبحثون عنها.

{وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} (النور: ٤٧ - ٤٩) لا يستجيبون للحق ولا يخضعون له إلا إذا كان في صالحهم وفي جانبهم، أما إذا كان عليهم فهم لا يستجيبون له، ولذلك وضعهم الله -تبارك وتعالى- تحت صنفٍ من هؤلاء الأصناف الثلاثة، وحكم عليهم بعدم الإيمان، {وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} خصوصًا إذا تصاعد اعتراضهم إلى درجة الإنكار والجحود، والعياذ بالله.

<<  <   >  >>