للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَتكْرَهُ إِعَادَتُهُ (١) بَعْدَ طَوَافِ الإِفَاضَةِ لأنَّ السَّعْيَ لَيْسَ مِنَ العِبَادَاتِ المُسْتَقِلةِ التي يُشْرَعُ تكْرِيرُهَا والإكْثَارُ مِنْهَا فَهُوَ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَيقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى الرُّكْنِ بِخَلاَفِ الطَّوَافِ فإنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي غَيْرِ الحَج والْعُمْرَةِ وَثَبَتَ في الصَّحيحِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمْ يَطُفْ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أَصْحَابُهُ رضيَ الله عَنْهُمُ بين الصَّفا والْمَرْوَةِ إِلا طَوافاً وَاحِداً طَوَافَهُ الأَولَ يَعْنِي السَّعْيَ.

وَيُسْتَحَبُّ الْمُوَالاَةُ بَيْنَ مَرَّاتِ السَّعْيِ وَبَيْنَ الطَّوَاف والسَّعْي فَلَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ لم يضر بشرط ألا يتخلل بينهما ركن (٢). فلو طاف للقدوم ثم وقف بعرفة لَمْ يَصِحَّ سَعْيُهُ بَعْدَ الوُقُوفِ مُضَافاً إلى طَوَافِ الْقُدُومِ بَلْ عَلَيْهِ أنْ يَسْعَى بَعْدَ طَوَافِ الإِفَاضَةِ وَإِذَا لَمْ يَتَخَلَّلْ رُكْنٌ فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ تَأخِيرِ السَّعْي عَنِ الطَّوَافِ وَتأخيرِ بَعْضِ مَرَّاتِ السَّعْي عَنْ بَعْضٍ وَكَذَا بَعْض مَرَّاتِ الطَّوَافِ عَنْ بَعْضٍ حَتَّى لَوْ رَجَعَ إلى وَطَنِهِ وَمَضَى عَلَيْهِ سنُونُ كثيرةٌ جَازَ أن يَبْنِيَ عَلَى ما مَضَى مِنْ سَعْيِهِ وَطَوَافِهِ لَكِنِ الأَفْضَلُ الاسْتِئْنَافُ.


(١) قال في الحاشية: هو المعتمد وشمل إطلاقه القارن فلا يسن له تكراره خروجاً من خلاف الإِمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى القائل على القارن طوافان وسعيان لأنه خلاف ما صح من السنة في القارن أي وشرط ندب الخروج من الخلاف أن لا يعارض سنة صحيحة وهي هنا قول جابر رضي الله تعالى عنه لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً. اهـ مختصراً.
(تنبيه): قد تجب إعادة السعي كما لو بلغ الصبي أو أعتق العبد بعرفة وكان سعى بعد طواف القدوم كما سيأتي آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
(٢) مراده رحمه الله تعالى بالركن الوقوف بعرفة كما في منهاجه وأن يسعى بعد طواف ركن أو قدوم بحيث لا يتخلل بينهما الوقوف بعرفة، فلو طاف ثم حلق أو عاد إلى منى ورمى صح سعيه بعد ذلك والله أعلم.

<<  <   >  >>