للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال السبكي: «الشيخ أبو محمد الجويني، والد إمام الحرمين أوْحَدُ زمانِه علمًا ودينًا وزهدًا وتقشفًا زائدًا وتحريًا في العبادات، كان يلقب بركن الإسلام له المعرفة التامة بالفقه والأصول والنحو والتفسير والأدب» (١).

فما رأي المفتي في ابن عقيل شيخ الحنابلة، والقاضي عياض المالكي والجويني شيخ الشافعية، والقاضي حسين شيخ الشافعية الذي مدحه تاج الدين السبكي أحد كبار مخالفي ابن تيمية؟!!

هل يتهمهم أيضًا بالتخبط والشذوذ كما اتهم السلفيين؟!!!

سادسًا: مسألة السفر لزيارة قبور الأولياء قد سبق نَقْل كلام ابن عقيل شيخ الحنابلة في وقته، وننقل هنا أيضًا قول الكشميري وهو أحد كبار فقهاء الحنفية في وقته حيث قال: «السفر لزيارة قبور الأولياء كما هو معمول أهل العصر لا بد من النقل عليه من صاحب الشريعة أو صاحب المذهب أو المشائخ، ولا يجوز قياس زيارتها على زيارة القبور الملحقة بالبلدة فإنه لا سفر فيها» (٢).

سابعًا: مما يؤيد استدلال ابن تيمية بحديث «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» على عدم جواز السفر لزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وغيره - فَهْمُ الصحابة - رضي الله عنهم - لمعنى الحديث، ومن ذلك ما رواه ابن أبي شيبة عَنْ قَزَعَةَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ: «آتِيَ الطُّورَ؟» قَالَ: «دَعِ الطُّورَ، لَا تَأْتِهِ»، وَقَالَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» (٣).

ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد أن أَبَا بَصْرَةَ الْغِفَارِيُّ لَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَهُوَ جَاءٍ مِنَ الطُّورِ فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟»، قَالَ: «مِنَ الطُّورِ صَلَّيْتُ


(١) طبقات الشافعية الكبرى (٥/ ٤٥).
(٢) العرف الشذي شرح سنن الترمذي (١/ ٣٢٧).
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٤١٨)، برقم (١٥٥٤٤).

<<  <   >  >>