للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: قد وَرَدَ عَنِ الصَّحَابَةِ - رضي الله عنهم - اسْتِنْكَارُ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ - سبحانه وتعالى -، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عبد الرزاق وابن أبي شيبة في (مصنفيهما)، والطبراني في (المعجم الكبير) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَال: «لَأَنْ أَحْلِفَ بِاللهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا»، (قال الهيتمي في مجمع الزوائد: «رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح»، وصححه الألباني).

رابعًا: نريد من المفتي الدليل على هذا التفريق بين الحلف بما هو مُعَظَّم في الشرع كالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - والإسلام والكعبة، وبين ما ليس بمعظم، وإلا فقد ورد النهي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الحلف بالكعبة، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ قُتَيْلَةَ، امْرَأَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ: أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالَ: إِنَّكُمْ تُنَدِّدُونَ، وَإِنَّكُمْ تُشْرِكُونَ تَقُولُونَ: «مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ»، وَتَقُولُونَ: «وَالْكَعْبَةِ»، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا: «وَرَبِّ الْكَعْبَةِ»، وَيَقُولُوا: «مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ شِئْتَ» (رواه النسائي والحاكم وقال: «صحيح الإسناد»، وصححه الألباني).

فهذا كلام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في النهي عن الحلف بالكعبة وإقراره أنه من الشرك، فأيهما أولى بالاتباع: النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أم المفتي؟!!

وعَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَحَلَفَ رَجُلٌ بِالْكَعْبَةِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «وَيْحَكَ لَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» (رواه ابن حبان، وصححه الألباني، وقال الأرنؤوط: «إسناده صحيح على شرط مسلم»).

فهذا كلام عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - في النهي عن الحلف بالكعبة، فأيهما أعلم: صحابة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أم المفتي؟!!

<<  <   >  >>