للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَتُرَى هَذَا الْأَعْرَابِيّ عَرَفَ اللهَ بِالدَّلِيلِ وَالْبُرْهَان وَالْحُجَّة وَالْبَيَان؟ وَأَنَّ رَحْمَته وَسِعَتْ كُلّ شَيْء (١) , وَكَمْ مِنْ مِثْله مَحْكُوم لَهُ بِالْإِيمَانِ. بَلْ اِكْتَفَى - صلى الله عليه وآله وسلم - مِنْ كَثِير مِمَّنْ أَسْلَمَ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ , وَحَتَّى إِنَّهُ اِكْتَفَى بِالْإِشَارَةِ فِي ذَلِكَ.

أَلَا تَرَاهُ لَمَّا قَالَ لِلسَّوْدَاءِ: «أَيْنَ اللهُ؟»، قَالَتْ: «فِي السَّمَاء». قَالَ: «مَنْ أَنَا؟»، قَالَتْ: «أَنْتَ رَسُول اللهِ».

قَالَ: «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» (٢).

وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَظَر وَلَا اِسْتِدْلَال , بَلْ حَكَمَ بِإِيمَانِهِمْ مِنْ أَوَّل وَهْلَة , وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عَنْ النَّظَر وَالْمَعْرِفَة غَفْلَة. وَاَللهُ أَعْلَم» (٣).

وبعد كلام الإمام القرطبي نسأل القارئ الكريم: هل أغلب المسلمين آمنوا كما آمن الأعرابي والأمة السوداء التي شهد لها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالإيمان، أم آمنوا بِالطُّرُقِ الَّتِي طَرَقهَا الأشاعرة وَالْأَبْحَاث الَّتِي حَرَّرُوهَا؟!!

ومن إجابة هذا السؤال تتبين إجابة السؤال التالي: هل صحيح ما قاله المفتي من أن الأشعرية هي عقيدة أغلب المسلمين؟!!!


(١) أي أَتُرَى هَذَا الْأَعْرَابِيّ عَرَفَ أن رَحْمَةَ اللهِ - سبحانه وتعالى - وَسِعَتْ كُلّ شَيْء.
(٢) رواه مسلم.
(٣) تفسير القرطبي (٧/ ٣٣٢ - ٣٣٣). وقد أشار الشيخ عطية صقر - رحمه الله - إلى كلام الإمام القرطبي، وذلك في فتوى له بتاريخ مايو ١٩٩٧، كما في فتاوى الأزهر، نسخة إلكترونية على موقع وزارة الأوقاف المصرية www.islamic-council.com .
ونسأل المفتي: هل الإمام القرطبي والشيخ عطية صقر من السلفيين المتشددين الذين يقلدون في العقائد؟!!!

<<  <   >  >>