للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عباس عن ابن عباس قال: "وقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأهل المشرق العقيق" (١)، رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن. فإن لم يكن هذا مفيدًا لوجوب الإحرام منها فلا بد أن يفيد الاستحباب.

قيل: هذا الحديث مداره على يزيد بن أبي زياد، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وقالوا: يزيد يزيد.

ويدل على ضعفه: أن حديث ابن عباس المشهور الصحيج قد ذكر فيه المواقيت الأربعة، ولم يذكر هذا؛ مع أن هذا مما يقصد المحدت ذكره مع إخوته لعموم الحاجة إليه أكثر من غيره، فإن حجاج المشرق أكثر من حجاج سائر المواقيت.

وأن الناس أجمعوا على جواز الإحرام دونه، فلو كان ميقاتًا لوجب الإحرام منه، كما يجب الإحرام من سائر ما وقته النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ ليس لنا ميقات يستحب الإحرام منه، ولا يجب على أن قوله: وقت، لا يقتضي إلا وجوب الإحرام منه.

قال ابن عبد البر: أجمع أهل العلم على أن إحرام العراقي من ذات عرق إحرابم من الميقات، وأن الأحاديث التي هي أصح منه وأكثر تخالفه، وتبين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت ذات عرق.

ويشبه -والله أعلم-: أنه إن كان لهذا الحديث أصل -يعني حديث ابن عباس- أن يكون منسوخًا، لأن توقيت ذات عرق كان في حجة الوداع، حيث أكمل الله دينه، وبعد أن أكمل الله دينه لم يغيره.

ولأن ابن عباس لم يذكره لما ذكر حديثه المشهور، فيكون إن كان حدث به مرة، قد تركه، لما علم من نسخه، ولهذا لم يروه عنه إلا ولده الذي قد يقصد


(١) أخرجه أحمد في مسنده: (١/ ٣٤٤)، وأبو داود في سننه: (٢/ ١٤٣)، والترمذي في سننه: (٣/ ١٩٤)، وابن أبي شيبة في مصنفه: (٣/ ٢٦٦).

<<  <   >  >>