للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ الباطِلَ إنْ أَتى القرآنَ أَوَّلاً ثُمَّ نُسخَ، فنَسْخُهُ بعدَ إتيانِه لا يَرْفَعُ اسمَ الإِتيان أَوَّلاً، وقولُهُ تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ} نصٌّ صَريحٌ في نَفْي إتيانِ الباطِلِ؛ كَما قَدَّمْنا.

* وقالَ تَعَالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩].

فهذه نصُوصٌ قرآنيَّةٌ قاطِعَةٌ تدلُّ على أَنَّ الشَّيطانَ لا سَبيلَ لهُ إلى أَنْ يَحْملَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - على أَنْ يُدْخِلَ في القُرْآنِ العَظيم ما ليسَ منهُ مِن الكُفْرِ الصُّرَاح والشِّرْكِ الأكْبَرِ.

ولم يَبْقَ في الآيةِ الكريمَةِ المسؤولِ عنها إشكالٌ" اهـ.

° وقال الأستاذ سيد قطب (١): "واللهُ الذي يَحْفَظُ دعوَتَهُ مِن تكذيبِ المُكَذِّبينَ، وتعطيلِ المُعوِّقينَ، ومُعاجَزَةِ المُعاجِزينَ؛ يحفَظُها كذلكَ مِن كَيْدِ الشَّيطانِ، ومِن مُحاوَلَتِه أَنْ يَنْفُذَ إليها مِن خِلالِ أمْنِيَّاتِ الرُّسُلِ النابعةِ مِن طبيعَتِهِمُ البشريَّةِ، وهُم مَعْصومونَ مِن الشَّيطانِ، ولكنَّهُم بشَرٌ، تمتَدُّ نفوسُهُم إلى أَمانيَّ تتعلَّقُ بسرعَةِ نشْرِ دعوتِهِم، وانتِصارِها، وإزالَةِ العَقَباتِ مِن طريقِها، فَيُحاوِلُ الشَّيطانُ أَنْ يَنْفُذَ مِن خلالِ أَمانِيِّهِم هذه، فَيُحَوِّلُ الدعوةَ عنْ أُصولِها وعن مَوازينِها .. فيُبْطِلُ اللهُ كيدَ الشَّيطانِ، ويَصونُ دعوتَهُ، وُيبَيِّنُ للرُّسُل أُصولَها وموازينَها، فيُحْكِمُ آياتِه، ويُزيلُ كُلَّ شُبْهَةٍ في قِيَمِ الدَّعْوةِ ووسائِلِها: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ الله مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ الله آيَاتِهِ وَاللَّهُ


(١) "الظلال" (٥/ ٦١١ - ٦١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>