للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد بين الله سبحانه وتعالى المصارف بقوله الله سبحانه وتعالى: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها، وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ، وَالْغارِمِينَ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ، فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة- ٦٠) .

فهنا نجد أصنافا ثمانية تصرف لها الزكاة التى يجمعها ولى الأمر في كل إقليم من الأقاليم، كما قال عليه الصلاة والسلام «خذها من أغنيائهم وردها على فقرائهم» .

والمصرفان الأولان الفقراء والمساكين، وخلاصة ما انتهى إليه الفقهاء من التفرقة بين الفقير والمسكين، أن الفقير هو المحتاج، ولو كان له كسب، ولكن لا يتكافأ مع حاجاته، أما المسكين فهو العاجز عن الكسب لعاهة أو لشيخوخة أو لمرض مزمن أو نحو ذلك من الأسباب التى تعجز صاحبها عن الكسب قليلا كان أو كثيرا، فكلاهما يستحق، وإن كان المسكين أشد استحقاقا، فإن ضاق بيت المال عن الإنفاق عليهما معا كان المقدم المسكين.

والصنف الثالث من الأصناف الثمانية العاملون عليها، أى الجامعون لها من الأغنياء الذين يجب عليهم أداؤها، والذين ينفقونها على مستحقيها، من بقية الأصناف الثمانية، وإن ذكر العاملين لجمع الزكاة وصرفها في ضمن المصارف يدل على أن الزكاة تكون لها حصيلة مالية قائمة بذاتها توزن فيها مواردها بمصارفها، وتكون جزآ منفصلا عن ميزانية الدولة، ولذلك جعل لها المنظمون لبيوت المال بيت مال للزكاة قائما بذاته. والصنف الرابع المؤلفة قلوبهم، وهم يدخلون في الإسلام، وتؤلف قلوبهم بقدر من المال تثبيتا لإيمانهم وليدعوا إلى الإسلام قبائلهم، ويدنوهم إلى الإسلام.

وهذا مبدأ لم يلغ، وكذب ما ادعاه بعض الناس من أن عمر رضى الله عنه قد ألغاه، وإنما كان عمل الفاروق أنه لم يعطه لناس كان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد أعطاهم، وفعل أبو بكر ما فعل الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، فجاء عمر رضى الله عنه ومنعهم، لكيلا يكون حقا مكتسبا، وليس عطاء لمقصد، وأجمع الفقهاء على أنه إذ وجد ما يوجبه وجب صرفه.

ويصح أن يصرف في الدعوة إلى الإسلام، كما يصح الصرف من حصة المؤلفة قلوبهم على الذين يدخلون في الإسلام فيقطعون من ذويهم، ويضيق عليهم في أسباب رزقهم، فيجب أن يعطوا تأليفا لقلوبهم، وتثبيتا لإيمانهم، ومعاونة لمن يستحق المعاونة.

والصنف الخامس إعتاق الرقيق، وذلك لأن الإسلام دين الحرية ودين الكرامة والإنسانية ودين العدالة الحقيقية، ودين الإخاء، فلا يمكن أن يرضى عن أن يكون إنسانا مملوكا لغيره، وإذا كانت المدينة فى عهد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم والراشدين من بعده هى الصورة الاجتماعية العالية التى تنفذ فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>