للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


لغيره أن ينكحها قبل أن تحيض حيضة الاستبراء فإذا عقد عليها قبل انقضاء مدة الاستبراء كان العقد فاسداً فيفسخ، وإذا وطئها في زمن الاستبراء لا يتأبد تحريمها عليه.
هذا، وإذا وطئها بلا نية مراجعتها ثم انقضت عدتها وطلقها بعد ذلك، فهل يعتبر هذا الطلاق ويلحق بالأول أو لا؟ في ذلك قولان: أحدهما أنه لا يلحق، وذلك لأنك قد عرفت أن المشهور أنه لا يحل للرجل أن يطأ مطلقته رجعياً بدون نية الرجعة، فإذا وطئها كذلك لم يكن مراجعها وعلى هذا إذا انقضت عدتها لا تكون له زوجة، فطلاقها بعد ذلك لم يصادف محلاً، وبعضهم يقول: إن الطلاق الثاني يلحق وذلك لأن الوطء بدون نية الرجعة يعتبر رجعة عند بعضهم فبالنظر لهذا القول ينبغي الاحتياط فتحسب زوجة له بحيث لو طلقها بعد العدة يعتبر طلاقه وهذا القول هو المشهور، ولا مانع عند المالكية أن يبنى قول مشهور على قول ضعيف.
والحاصل أن الرجعة تحصل بالقول مع النية، سواء كان القول صريحاً أو محتملاً، فإذا أتى بالقول الصريح الذي لا يحتمل، فإنه يكون رجعة في الظاهر وإن لم ينو، سواء كان جاداً أو هازلاً، أما بينه وبين الله فإنها لا تحل له إلا إذا نوى بلفظ الرجعة وكان جاداً لا هازلاً، وإذا أتى بقول محتمل، فلا تحصل به الرجعة لا قضاء ولا ديانة إلا بالنية، وكما تحصل بالقول تحصل بالفعل مع النية، فإذا وطئها بنية الرجعة صح، وإلا فلا، وحرم عليه ذلك الوطء على الوجه الذي ذكرناه، أما الكلام النفسي بدون لفظ ففيه قولان: وأما النية وحدها بدون أن يتلفظ أو يطأها، فإنها لا تنفع، بلا خلاف.
وبهذا تعلم أن الصيغة إن كانت قولاً صريحاً، أو كناية فيشترط فيها النية، وإن كانت فعلاً، وهو الوطء فيشترط فيه النية، وكذا يشترط أن تكون الرجعة بالقول منجزة غير معلقة على شيء على الراجح، فإذا قال لها: إذا جاء الغد فقد راجعتك، فإن هذا لا يكون رجعة أصلاً لا في الغد ولا الآن، وذلك لأن الرجعة ضرب من ضروب الزواج، فكأنه قد تزوجها بالرجعة، وكما لا يجوز التأجيل في النكاح بحيث لا يصح أن يقول شخص لآخر: زوجني بنتك الآن على أن يحل لي وطؤها فكذا لا يجوز التأجيل في الرجعة، وبعضهم يرى أنه لا يشترط ذلك، فيصح أن يقول لها: إن جاء الغد فقد راجعتك ويكون ذلك رجعة في الغد الآن. فإذا جاء الغد صحت الرجعة من غير أن يأتي برجعة جديدة، أما الآن فيكون حكمها حكم من لم تراجع بحيث لا يحل له أن يطأها بدون نية مراجعتها، وعلى هذا إذا انقضت عدتها قبل مجيء الغد فلا تصح الرجعة وتبين منه.
الشافعية - قالوا: المرتجع هو الزوج أو وكيله إذا وكل عنه من يراجع له زوجته، أو وليه إذا جن بعد أن وقع طلاقاً رجعياً، وهو عاقل فإنه يشترط له سواء كان زوجاً أو وكيله أو وليه ثلاثة شروط: أحدها أن يكون عاقلاً، فلا تصح الرجعة من المجنون، والصبي الذي لا يميز، كما لا يصح طلاقهما، وإذا طلق المجنون حال إفاقته ثم جن فلوليه أن يراجع عنه، وكذا إذا علق الطلاق وهو عاقل على شيء ثم وقع بعد جنونه، كما إذا قال: أنت طالق إن دخلت دار أبيك ثم جن فدخلت، فإن الطلاق يقع لأنه صدر منه وهو عاقل، ولكن لا تصح رجعته حال جنونه، إنما لوليه أن يراجع عنه، ولكن يشترط لصحة رجعة

<<  <  ج: ص:  >  >>