للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


بقدر الإمكان بقطع النظر عن مذهب الشافعي، وذلك بأن المرأة المطلقة ثلاثاً إذا يئس منها زوجها وذهبت إلى حال سبيلها فإن لها أن تعمد إلى صبي مميز يعرف الزواج والطلاق، وإن كان له ولي تأخذ منه إذناً بزواجها منه، ثم تتزوجه بإيجاب وقبول بولي شاهدين، ثم تمكنه منها ولو بإيلاج رأس ذكره المنتصب في داخل فرجها وبعد ذلك يطلقها بدون أن يعلم بذلك زوجها الأول وبدون أن تتفق مع الصبي على تطليقها، أو مع وليه.
وبالجملة فلا تشير إلى التحليل، وبذلك تحل للأول بدون عدة، فإن قلت: إن ذلك لا يخلو عن قصد التحليل من المرأة وقصد التحليل مفسد للعقد عند الحنابلة، قلت: نعم وللتفادي من ذلك تقلد المرأة في ذلك الإمام أبي حنيفة، لأن قصد التحليل، ولو من المحلل عند الحنفية لا يضر بل قد يكون محموداً إذا ترتب عليه مصلحة، كعدم تضييع الأولاد، أو الجمع بين زوجين متحابين أو نحو ذلك، أما ما يفعله الناس من كون الزوج يجيء بالمحلل ويعطيه نقوداً ويحضره حين يدخل مع مطلقته، فإن هذه الصورة الشنعة لا تصلح في تقليد الحنابلة وقد تقدم تفصيل المذاهب في المحلل، فارجع إليه.
ثالثها: أن يكون المرتجع مختاراً، فلا تصح رجعة المكره.
وبالجملة فكل من كان أهلاً للزواج في ذاته في الجملة، ولو توقف زواجه على الأذن فإنه يصح طلاقه ورجعته، وذلك هو العاقل البالغ، فإذا عرض ما يمنع الأهلية مؤقتاً كالسكر فإنه لا يمنع الرجعة، فتصح رجعة السكران لأن استتار عقله بعارض السكر لا يجعله مجنوناً، فلا يفقد الأهلية بسبب ذلك العارض، وذلك لأنه أهل لمباشرة الزواج في الجملة، أي بعد أن يفيق من سكره، ومثله المحرم بالنسك، فإنه وإن كان لا يصح له أن يباشر عقد الزواج وهو محرم، ولكن الاحرام عارض مؤقت لا يفقده الأهلية، فيصح له أن يراجع وهو محرم، لأنه أهل للزوج وهو غير محرم وكذا السفيه، فإنه وإن كان محجوراً عليه التزوج بسبب السفه، لأن التزوج متوقف على المال ولكن هذا الحجر عارض فإذا كان متزوجاً وطلق زوجته رجعياً، فإن له رجعتها بدون إذن، ومثل السفيه العبد فإنه وإن كان غير أهل للتزوج بنفسه بدون إذن سيده، ولكن إذا أذنه سيده بالزواج فإن له أن يطلق ويراجع بنفسه، إذ المراد بأهلية الزواج أنه يصح منه مباشرة عقد الزواج، وإن توقف على إذن، فمتى أذن الولي السفيه، أو العبد كان أهلاً لتولي الزواج، أما المكروه فإنه وإن كان أهلاً لمباشرة عقد الزواج في الجملة أي بعد الزوال الإكراه، ولكن أعمال المكره غير المعتبرة في نظر الشرع فلهذا اعتبروا الإكراه غير مفيد في الرجعة، فإذا أكره شخص على مراجعة زوجته ولم يقر بها حتى مات بعد انقضاء العدة فإنها لا ترثه.
وهل الردة سبب عارض كالسكر، فيصح للمرتد أن يراجع مطلقته؟ والجواب: لا، وذلك لأن الردة تزيل أثر النكاح فالمرأة ليست محلاً للرجعة رأساً.
فهذا تفصيل شروط المرتجع، وأما المحل، وهي الزوجة فيشترط فيها شروط:
أحدها: أن تكون زوجة معقود عليها بصحيح العقد، فخرجت الأجنبية، فإنها لا تحل بالرجعة طبعاً، سواء كانت غير معقود عليها أصلاً، أو كانت معقوداً عليها وطلقت طلاقاً بائناً كأن طلقها ثلاثاً،

<<  <  ج: ص:  >  >>