للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


راجعت زوجتك؟ فقال: راجعتها، فإنه يصح، وإن لم يذكر ما يدل على المرأة، لأنها ذكرت في السؤال على أنه يسن مع هذا أن يقول: رجعتك إلى نكاحي، أو راجعتك إلي، أو أمسكتك على نكاحي.
والحاصل أنه يجب في رددت أمران: أحدهما أن يذكر فيه ما يدل على المرأة من كاف الضمير، أو الاسم الظاهر، أو اسم الإشارة، بأن يقول: رددتك، أو رددت زوجتي أو فلانة أو رددت هذه. الأمر الثاني: أن يضيف ذلك إليه أو إلى نكاحه، فيقول: رددت زوجتي إلى نكاحي، أو إلي، أو إلى عصمتي فإن لم يقل ذلك، فإنه لا يكون صريحاً لأنه يحتمل ردها إلى أهلها وعدم قبولها، أما غير رددت من صيغ الصريح فإنه يشترط فيه نسبته إلى الزوجة، ويسن فيه نسبته إلى الزوج أو إلى نكاحه، كما يسن أن يشهد على الرجعة، وإنما كانت هذه الألفاظ صريحة في الرجعة لأنها اشتهرت فيها، وقد ذكر بعضها في كتاب الله تعالى: فمن ذلك الرد قال تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن} وورود المصدر يدل على صحة استعمال فعله وما اشتق منه. كرددت زوجتي إلي أو أنت مردودة إلي ومن ذلك الإمساك قال تعالى: {فإمساك بمعروف} وهو مثل الرد، ومن ذلك الرجعة قال تعالى {فلا جناح عليهما أن يتراجعا} .
ولهذا، قلنا إن صرائح الرجعة منحصرة فيما ذكر. وتحصل بها الرجعة بدون نية.
وأما كناية الرجعة، فهي كأن يقول لها: تزوجتك، أو نكحتك، فإن هذه الألفاظ صريحة في العقد ولا يمكن استعمالها في الرجعة صريحاً، لأن المطلق رجعياً زوجة، فلا معنى لقوله لها: تزوجتك، أو نكحتك، فكل ما كان صريحاً في باله - ولا يمكن أن ينفذ في الموضوع المستعمل فيه - فإنه يكون كناية، وهذا معنى قولهم: ما كان صريحاً في بابه، ولم يجد نفاذاً في موضوعه كان كناية في غيره، وقد يقال: إنه يصح استعمال تزوجت ونكحت في الرجعة بمعنى أعددتك إلى زواج كامل ونكاح كامل، كما قالوا في رددت زوجتي إلى نكاحي، أي إلى نكاحي الكامل الذي لا ينقطع بمضي العدة، ولعل هذا هو السبب في قول بعضهم: إن لفظ التزويج والنكاح استثني من قاعدة ما كان صريحاً في بابه ووجد نفاذاً في موضوعه لا يكون كناية في غيره، فإن هذا القائل لاحظ أن لفظ التزويج والنكاح يمكن استعمالها في موضوع الرجعة على معنى أنه تزوجها زواجاً كاملاً، وإن كانت زوجة له فلا يصح أن يكون كناية في الرجعة على هذه القاعدة، ولكن الشافعية استثنوا لفظ النكاح والتزويج من هذه القاعدة، فقالوا: إنهما كنايتان، فلا تصح الرجعة بهما إلا بالنية، فالرجعة لا تصح إلا باللفظ، سواء كان صريحاً، أو كناية، ويلحق باللفظ الكتابة فإذا كتب راجعت زوجتي إلى عصمتي ونحوه فإنه يصح، وترجع زوجة له بذلك لأن الكتابة كاللفظ، ومثل الكتابة إشارة الأخرس المفهمة.
فلا تصح الرجعة بالوطء أو بمقدمات الوطء، سواء نوى به الرجعة أو لم ينو، لأنه لا يدل على الرجعة إلا وطء الكافر، فإنه إذا كان الرجعة عندهم فإننا نقرهم عليه، ويحرم على المطلق رجعياً أن يتمتع بمطلقته قبل أن يراجعها باللفظ لا بوطء ولا بغيره، فإن وطئها كان عليه مهر المثل، لأنه وطء

<<  <  ج: ص:  >  >>