للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


تبين أنه لم ينقطع، وبعضهم يقول: لا يبطل الزواج ولا يعود الحق في الرجعة، لأن مناط بطلان الرجعة مضي وقت الصلاة بعد انقطاع الدم.
والمعقول الذي تنضبط به الأحكام، هو أن حق الرجعة يبطل وأن الزواج يستمر صحيحاً، ولو عاد الدم، سواء كان ذلك بعد الغسل أو بعد مضي وقت صلاة، إذ لا معنى للحكم بصحة تزوجها عند هذه الأمارة، فإذا تزوجت ووطئها الزوج الجديد مثلاً وعاد الدم فهل يصح أن يقال له: أنها ليست زوجة لك، فإن زوجها القديم قد راجعها؟ إن ذلك ليس من الأمور الهينة التي يسهل على النفوس أن تسيغها، فمتى جعل الشارع هذه الأمارة دليلاً على طهارة الزوجة وأباح لها أن تتزوج بالغير، فلا يصح أن يقال بعد ذلك: أن للشارع إبطال هذه الأمارة وانتزاع الزوجة من حضن القديم، على أن ذلك يفضي إلى تعليم النساء الكذب وعدم الصدق، فإن المرأة التي تتزوج زوجاً جديداً إذا علمت أنها ستنزع منه لا بد أن تكتم الدم الذي عاد لها، وهذا مما لا معنى له، ومن أجل ذلك جرت متون المذاهب على أن الزواج الثاني صحيح، وأن الرجعة لا تعود بعودة الدم نعم لو قالوا: أن الاحتياط أن لا يحل لها التزوج إلا بعد أن ينقطع الدم لأكثر الحيض مع ملاحظة عادتها إن كانت لها عادة بعد مضي أكثر المدة كان ذلك حسناً ولكنهم لم يفعلوا.
وأما وضع الحمل فإنه يبطل حق الرجعة، ثم إن كان كاملاً فإن العدة تنقضي بخروج أكثره، إذ لا يشترط خروجه جميعه على أنها لا يحل أن تتزوج إلا بخروجه جميعه احتياطاً، إذا كانت حاملاً في اثنين، فإن العدة تنقضي بخروج الثاني، وتبطل الرجعة بخروج أكثره، ولا فرق في انقضاء العدة وبطلان الرجعة بين أن تكون حاملاً به من الزوج المطلق أو من غيره، فلو تزوج حبلى من الزنا وهو عالم بها ثم طلقها فولدت بعد الطلاق انقضت عدتها منه، فإذا ادعت أنها ولدت حملها، وأنكر الزوج الولادة فلا يخلو إما أن يكون حملها ظاهراً، بأن كانت بطنها كبيرة مثلاً، ثم صغرت، فإن دعواها يثبت بشهادة القابلة، لأن ظهور الحمل يؤيد شهادتهما، أما إذا لم يكن بها حمل ظاهر فإن الولادة لا تثبت إلا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين، كما سيأتي في المسألة التالية.
ويتعلق بها مسائل: المسألة الأولى: إذا طلق شخص زوجته وهي حامل، ولكنه ادعى أنه لم يطأها أصلاً فلم يحبلها، فهل يصح له أن يراجعها قبل وضع الحمل، أو لا يصح؟ وإذا راجعها فهل تكون الرجعة صحيحة قبل الوضع أو لا؟ والجواب: أنه يصح له أن يراجعها قبل الوضع، ولكن لا تكون زوجة له إلا بعد وضع الحمل في مدة تقل عن ستة أشهر من تاريخ الطلاق وستة أشهر فأكثر من تاريخ عقد الزواج وذلك لأنه ادعى أنه لم يطأها.
وهذه الدعوى تفيد أنه طلقها قبل الدخول، وأنه لا عدة له عليها فلا رجعة له، فإذا راجعها قبل وضع الحمل الذي تنقضي به العدة على كل حال كان مكذباً لنفسه، وهذا التكذيب لا يقره الشارع إلا إذا ثبت، وهو لا يثبت إلا إذا ولدت امرأة في مدة تقل عن ستة أشهر من تاريخ الطلاق، لأنها إن ولدت بعد ستة أشهر من تاريخ الطلاق احتمل أن يكون الولد

<<  <  ج: ص:  >  >>