للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه: ولعل الله أن يصلح بك بين الناس، فلما بلغ عليا كرم الله وجهه توجه عائشة ومن ذكر معها إلى العراق توجه إلى العراق بعد أن كان أراد الذهاب إلى الشام وقام في الناس، وقال: ألا إن طلحة والزبير وأم المؤمنين قد تمالؤوا على سخط إمارتي، وإني خارج إليهم، ثم جاءه الخبر أن ستين ألف شيخ تبكي تحت قميص عثمان، وهو منصوب على منبر دمشق ومعلق فيه أصابع زوجة عثمان، فقال: أمني يطلبون دم عثمان؟.

ولما أراد الخروج جاءه عبد الله بن سلام رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين لا تخرج منها: أي المدينة، فو الله لئن خرجت منها لا يرجع إليها سلطان المسلمين فسبوه، وقالوا له: يا بن اليهودية ما لك ولهذا الأمر؟ فقال لهم علي كرم الله وجهه: دعوا الرجل، فنعم الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

ثم إن طلحة والزبير وأم المؤمنين وصلوا إلى البصرة ووقع بينهم وبين أهل البصرة مقتلة كبيرة، بعد أن افترقوا فرقتين إحداهما تقول صدقت وبرت، يعني عائشة وجاءت بالمعروف. وقالت الأخرى كذبت. ثم انحازت الأخرى إلى عسكر أم المؤمنين وقهروا أهل البصرة، ونادى منادي الزبير وطلحة: ألا من كان عنده أحد ممن غزا المدينة فليأت به، فجيء بهم كما يجاء بالكلاب وكانوا ستمائة فقتلوا فما أفلت منهم من أهل البصرة إلا حرقوص بن زهير. وكتب طلحة والزبير إلى أهل الشام: إنا خرجنا لوضع الحرب وإقامة كتاب الله، فوافقنا خيار أهل البصرة وخالفنا شرارهم، ولم يفلت من قتلة أمير المؤمنين عثمان من أهل البصرة إلا حرقوص بن زهير، والله مقيده إن شاء الله. وكتبوا لأهل الكوفة بمثله وكتبوا إلى أهل اليمامة بمثل ذلك، وكتبوا إلى أهل المدينة بمثل ذلك.

ثم سار علي كرم الله وجهه إلى البصرة، ثم أرسل إلى أهل الكوفة يستنفرهم إليه فنفروا إليه بعد أمور يطول ذكرها، وكانوا سبعة آلاف. والتقى الجيشان جيش علي كرم الله وجهه وجيش عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، بعد أن كتب لطلحة والزبير: أما بعد، فقد علمتما أني لم أرد البيعة حتى أكرهت عليها، وأنتما ممن رضي ببيعتي وألزمني إياها، فإن كنتما بايعتما طائعين فتوبا إلى الله وارجعا عما أنتما عليه فإنك يا طلحة شيخ المهاجرين، وأنت يا زبير فارس قريش، لو دفعتما هذا الأمر قبل أن تدخلا فيه لكان أوسع لكما من خروجكما منه والسلام.

وكتب لعائشة رضي الله عنها: أما بعد، فإنك قد خرجت من بيتك تزعمين أنك تريدين الإصلاح بين المسلمين، وطلبت بزعمك دم عثمان وأنت بالأمس تؤلبين عليه فتقولين في ملأ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا نعثلا فقد كفر، قتله الله، واليوم تطلبين بثأره، فاتقي الله وارجعي إلى بيتك وأسبلي عليك سترك قبل أن يفضحك الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فلما قرؤوا الكتابين عرفوا أنه على الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>