للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوديتها، فكان يصلي الظهر والعصر في جماعة ويترك الجماعة فيما سواهما، ثم نمت وكثرت حتى ترك الجماعة فيما سوىّ الجمعة فإنه كان يشهدها مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ترك الجمعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما فعل ثعلبة؟ فأخبروه بخبره، فقال صلى الله عليه وسلم: يا ويح ثعلبة قالها ثلاثا، فلما نزل قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً [التّوبة: الآية ١٠٣] الآية بعث النبي صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقة وكتب لهما فرائض الصدقة وأسنانها وقال لهما مرا بثعلبة، فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وأقرآه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: انطلقا حتى تفرغا، ثم تعودا إليّ فانطلقا ثم مرّا عليه، فقال: أرياني كتابكما أنظر فيه، فنظر فيه، فقال: ما هذه إلا أخية الجزية، انطلقا حتى أرى رأيي، فانطلقا حتى أتيا النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآهما قال قبل أن يكلماه: يا ويح ثعلبة، فلما أخبراه بالذي صنع ثعلبة، أنزل الله تعالى:

وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ [التّوبة: الآية ٧٥] الآيات، وكان عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل من أقارب ثعلبة، فأرسل إليه بأن الله قد أنزل فيك قرآنا وهو كذا وكذا، فخرج ثعلبة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يقبل منه الصدقة فقال: إن الله منعني أن أقبل صدقتك، فجعل يحثو التراب على رأسه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هذا عملك وقد أمرتك فلم تطعني، وأبي أن يقبل منه شيئا، فأتى أبا بكر رضي الله تعالى عنه حين استخلف فسأله قبول صدقته، فقال له: لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا لا أقبلها، ثم فعل كذلك مع عمر رضي الله تعالى عنه، ثم مع عثمان رضي الله تعالى عنه، وكل يأبى أن يقبل صدقته، ومات في خلافة عثمان.

ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في رجل ارتد ولحق بالمشركين: اللهم اجعله آية. فعن أنس رضي الله تعالى عنه: كان رجل من بني النجار حفظ البقرة وآل عمران، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فارتد ولحق بأهل الكتاب، وكان يقول ما يدري محمد إلا ما كتب له، فقال صلى الله عليه وسلم اللهم اجعله آية، فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا:

هذا فعل محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوه وألقوه فحفروا له وأعمقوا ما استطاعوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا مثل الأول، فحفروا وأعمقوا، فلفظته الأرض في المرة الثالثة، فعلموا أنه ليس من فعل الناس.

ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لرجل يأكل بشماله: «كل بيمينك، فقال: لا أستطيع» أي قال ذلك تكبرا وعنادا «فقال له صلى الله عليه وسلم: لا استطعت، فلم يطق أن يرفعها إلى فيه بعد» .

أي ومن ذلك المرأة التي خطبها صلى الله عليه وسلم فقال له أبوها إن بها برصا ولم يكن بها برص، وإنما قال ذلك امتناعا من خطبته صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: فلتكن كذلك، فبرصت.

ومن ذلك «أن فاطمة رضي الله تعالى عنها جاءت إليه صلى الله عليه وسلم فنظر إليها وقد ذهب الدم من وجهها وغلبت الصفرة على وجهها من شدة الجوع، فقال لها صلى الله عليه وسلم: ادن مني يا فاطمة، فدنت منه، فرفع يده فوضعها على صدرها وفرج بين أصابعه، وقال:

اللهم مشبع الجاعة، ورافع الوضيعة، ارفع فاطمة بنت محمد، فذهبت الصفرة عنها

<<  <  ج: ص:  >  >>