للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتبها النبي صلّى الله عليه وسلم إلى ملوك وأمراء النصاري بعد الحديبية، فإن فيه الآية الكريمة: يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ إلخ كما كان دأبه في تلك الكتب، وقد ورد فيه اسم الأصحمة صريحا، وأما النص الذي أورده الدكتور حميد الله، فالأغلب عندي أنه نص الكتاب الذي كتبه النبي صلّى الله عليه وسلم بعد موت أصحمة إلى خليفته، ولعل هذا هو السبب في ترك الاسم.

وهذا الترتيب ليس عندي عليه دليل قطعي سوى الشهادات الداخلية التي تؤديها نصوص هذه الكتب. والعجب من الدكتور حميد الله أنه جزم أن النص الذي أورده البيهقي عن ابن عباس هو نص الكتاب الذي كتبه النبي صلّى الله عليه وسلم بعد موت أصحمة إلى خليفته مع أن اسم أصحمة وارد في هذا النص صريحا والعلم عند الله «١» .

ولما بلغ عمرو بن أمية الضمري كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى النجاشي أخذه النجاشي، ووضعه على عينه ونزل عن سريره على الأرض، وأسلم على يد جعفر بن أبي طالب. وكتب إلى النبي صلّى الله عليه وسلم بذلك، وهاك نصه.

(بسم الله الرحمن الرحيم) إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته، والله الذي لا إله إلا هو، أما بعد:

فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فو رب السماء والأرض، إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا، إنه كما قلت، وقد عرفنا ما بعثت بها إلينا، وقد قرينا ابن عمك وأصحابك فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا وقد بايعتك، وبايعت ابن عمك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين «٢» .

وكان النبي صلّى الله عليه وسلم قد طلب من النجاشي أن يرسل جعفرا ومن معه من مهاجري الحبشة، فأرسلهم في سفينتين مع عمرو بن أمية الضمري، فقدم بهم على النبي صلّى الله عليه وسلم وهو بخيبر «٣» . توفي النجاشي هذا في رجب سنة تسع من الهجرة بعد تبوك، ونعاه النبي صلّى الله عليه وسلم يوم وفاته، وصلى عليه


(١) انظر لهذه المباحث كتاب الدكتور حميد الله «رسوم أكرم كي سياسي زندكي» ص ١٠٨، إلى ١١٤ ومن ١٢١ إلى ١٣١.
(٢) زاد المعاد ٣/ ٦١.
(٣) ابن هشام ٢/ ٣٥٩.

<<  <   >  >>