للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

والعرض لا يقوم بنفسه، ولا بد من أن يقوم بغيره، والأعراض من أعمال الأجسام، لا تكون إلا منها، ولا توجد إلا بها وفيها.

والجسم لا يكون إلا من جسم، ولا يكون إلا من مخترع الأجسام.

وليست لكون الجسم من الله علة توجيه، ولا يحدث إذا حدث إلا اختياراً، وإلا ابتداعاً واختراعاً. والصوت لا يكون إلا عن علة موجبة، ولا يكون إلا تولداً ونتيجة، ولا يحدث إلا من جرمين، كاصطكاك الحجرين، وكقرع اللسان باطن الأسنان، وإلا من هواء يتضاغط، وريح تختنق، ونار تلتهب. والريح عندهم هواء تحرك، والنار عندهم ريح حارة. هكذا الأمر عندهم.

فلو قالوا: لا يكون الشيء مخلوقاً في الحقيقة، دون المجاز وعلى مجازي اللغة، إلا وقد بان الله عز وجل باختراعه، وتولاه بابتداعه، وكان منه على اختيار، والابتداع: الذي يمكن تركه وإنشاء عقيبه بدلاً منه، على ما كان يوكده، ونتيجته من أجسام يستحيل أن يخلق من أفعالها، ويجلبها الله تعالى منها.

والقرآن على غير ذلك، جسم وصوت، وذو تأليف وذو نظم، وتوقيع وتقطيع، وخلق قائم بنفسه، مستغن عن غيره، ومسموع في الهواء، ومرئي في الورق، ومفصل وموصل، واجتماع وافتراق،

<<  <  ج: ص:  >  >>