للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعمري، إنا لنجد في الصبيان من لو لقنته، أو كتبت له أغمض المعاني وألطفها، وأغمض الحجج وأبعدها، وأكثرها لفظاً وأطولها، ثم أخذته بدرسه وحفظه لحفظه حفظاً عجيباً، ولهذه هذاً ذليقا.

فأما معرفة صحيحه من سقيمه، وحقه من باطله، وفصل ما بين المقر به والدليل، والاحتراس من حيث يؤتى المخدوعون، والتحفظ من مكر الخادعين، وتأتي المجرب، ورفق الساحر، وخلابة المتنبىء، وزجر الكهان، وأخبار المنجمين. وفرق ما بين نظم القرآن وتأليفه، فليس يعرف فروق النظم، واختلاف البحث والنثر إلا من عرف القصيد من الرجز، والمخمس من الأسجاع، والمزدوج من المنثور، والخطب من الرسائل، وحتى يعرف العجز العارض الذي يجوز ارتفاعه، من العجز الذي هو صفة في الذات.

فإذا عرف صنوف التأليف عرف مباينة نظم القرآن لسائر الكلام ثم لا يكتفي بذلك حتى يعرف عجزه وعجز أمثاله عن مثله، وأن حكم البشر حكم واحد في العجز الطبيعي، وإن تفاوتوا في العجز العارض.

<<  <  ج: ص:  >  >>