للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ما لا يوجد عند صبي ابن تسع سنين، أو ثمان سنين، أو سبع سنين أبداً، عرف ذلك عارف أو جهله جاهل.

ولا يجوز أن يعرف عارف معنى الرسالة إلا بعد الفراغ من هذه الوجوه، إلا أن يجعل جاعل التقليد والنشو والإلف لما عليه الآباء، وتعظيم الكبراء معرفة ويقيناً.

وليس بيقين ما اضطرب، ودخله الخلاج عند ورود معاني لعل وعسى، مما لا يمكن في المعقول إلا بحجة تخرج القلب إلى اليقين عن التجويز.

ولقد أعيانا أن نجد هذه المعرفة إلا في الخاص من الرجال وأهل الكمال في الأدب؛ فكيف بالطفل الصغير، والحدث الغرير! مع أنك لو أدرت معاني بعض ما وصف لك على أذكى صبي في الأرض، وأسرعه قبولاً وأحسنه حكاية وبياناً، وقد سويته له ودللته، وقربته منه، وكفيته مؤونة الروية، ووحشة الفكرة، لم يعرف قدره، ولا فصل حقه من باطله، ولا فرق بين الدلالة وشبيه الدلالة. فكيف له بأن يكون هو المتولي لتجربته وحل عقده وتخليص متشابهه، واستثارته من معدنه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>