للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك فيكون أسمح لطبيعته، وأخرق في إنفاقه، بل كان ثمرة كده وكسب جولانه وتعرضه.

ثم لم يكن خفيف الظهر، قليل النسل، قليل العيال، فيكون قد جمع اليسارين؛ لأن المثل الصحيح السائر المعنى: " قلة العيال أحد اليسارين "، بل كان ذا بنين وبنات وزوجة، وخدم وحشم، يعول مع ذلك أبويه وما ولدا. ولم يكن فتىً حدثاً فتهزه أريحية الشباب، وغرارة الحداثة. ولم يكن بحذاء إنفاقه طمع يدعوه، ولا رغبة تحدوه.

ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك يد مشهورة فيخاف العار في ترك مواساته، وإنفاقه عليه، ولا كان من رهطه دنيا فيسب بترك مكانفته ومعاونته وإرفاقه. فكان إنفاقه على الوجه الذي لا يجد أبلغ في غاية الفضل منه، ولا أدل على غاية البصيرة منه.

وقد تعلمون ما كان يلقى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ببطن مكة من المشركين، وقد تعلمون حسن صنيع كثير منهم، كصنيع حمزة حين ضرب أبا جهل بقوسه، فبلغ في هامته، في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو جهل يومئذ أمنع أهل البطحاء، وهو رأس الكفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>