للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم صنيع عمر حيث يقول يوم أسلم: " والله لا نعبد الله سراً بعد هذا اليوم "، حتى قال بعد موته عبد الله بن مسعود: " وما صلينا ظاهرين حتى أسلم عمر ".

فصل منه

ولو كان في ذلك الزمان القتال ممكناً، والوثوب مطمعاً، لقاتل أبو بكر ونهض كما نهض في الردة، وإنما قاتل علي في الزمان الذي قد أقرن فيه أهل الإسلام لأهل الشرك، وطمعوا أن تكون الحرب سجالاً، وقد أعلمهم الله أن العاقبة للمتقين، وأبو بكر مفتون مفرد ومطرود مشرد ومضروب معذب، في الزمان الذي ليس بالإسلام وأهله نهوض ولا حركة، ولذلك قال أبو بكر رضي الله عنه: " طوبى لمن مات في نأنأة الإسلام "، يقول: في أيام ضعفه وقلته، بحيث كانت الطاعة أعظم لفرط الامتحان، والبلاء أغلظ لشدة الجهد، لأن الاحتمال كلما كان أشد وأدوم، كانت الطاعة أفضل، والعزم فيه أقوى.

ولا سواء مفتون مشرد لا حيلة عنده، ومضروب معذب لا انتصار به، ولا دفع عنده، ومباطش مقرن يشفي غيظه، ويروي غليله، وله مقدم يكنفه ويشجعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>