للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما أن الجوارح لا تعرف قصد النفس، ولا تروي في الأمور، ولم يخرجها ذلك من الطاعة للعزم، فكذلك العامة، لا تعرف قصد القادة ولا تدبير الخاصة، ولا تروي معها، وليس يخرجها ذلك من عزمها، وما أبرمت من تدبيرها.

والجوارح والعوام، وإن كانت مسخرة ومدبرة فقد تمتنع لعلل تدخلها، وأمور تصرفها، وأسباب تنقضها، كاليد يعرض لها الفالج واللسان يعتريه الخرس، فلا تقدر النفس على تسديدهما وتقويتهما، ولو اشتد عزمها، وحسن تأتيها ورفقها. وكذلك العامة عند نفورها وتهيجها، وغلبة الهوى والسخف عليها، وإن حسن تدبير الخاصة، وتعهد السياسة. غير أن معصية الجارحة أيسر ضرراً، وأهون أمراً، لأن العامة إذا انتكثت للخاصة، وتنكرت للقادة، وتشزنت على الراضة، كان البوار الذي لا حيلة له، والفناء الذي لا بقاء معه.

وصلاح الدنيا، وتمام النعمة في تدبير الخاصة وطاعة العامة، كما أن كمال المنفعة وتمام درك الحاجة بصواب قصد النفس؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>