للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

النفس لو أدركت كل بغية، وأوفت كل غاية، وفتحت كل مستغلق، واستثارت كل دفين، ثم لم يعطها اللسان بحسن العبارة واليد بحسن الكتابة، كان وجود ذلك المستنبط - وإن جل قدره - وعدمه سواء.

فالخاصة تحتاج إلى العامة كحاجة العامة إلى الخاصة، وكذلك القلب والجارحة، وإنما هم جند للدفع، وسلاح للقطع، وكالترس للرامي، والفأس للنجار. وليس مضي سيف صارم بكف امرىء صارم، بأمضى من شجاع أطاع أميره، وقلد إمامه.

وما كلب أشلاه ربه، وأحمشه كلابه، بأفرط نزقاً ولا أسرع تقدماً، ولا أشد تهوراً من جندي أغراه طمعه، وصاح به قائده.

وليس في الأعمال أقل من الاختيار، ولا في الاختيار أقل من الصواب، فلباب كل عمل اختياره، وصفوة كل اختيار صوابه. ومع كثرة الاختيار يكثر الصواب، وأكثر الناس اختياراً أكثرهم صواباً، وأكثرهم أسباباً موجبه أقلهم اختياراً، وأقلهم اختياراً أقلهم صواباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>