للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قالوا: فقد ينبغي للعوام أن لا يكونوا مأمورين ولا منهيين، ولا عاصين ولا مطيعين.

قيل لهم: أما فيما يعرفون فقد يعصون ويطيعون.

فإن قالوا: فما الأمر الذي يعرفون من الأمر الذي يجهلون؟ قيل لهم: أما الذي يعرفون، فالتنزيل المجرد بغير تأويله، وجملة الشريعة بغيرها، وما جل من الخبر واستفاض، وكثر ترداده على الأسماع، وكرروه على الأفهام.

وأما الذي يجهلون فتأويل المنزل وتفسير المجمل، وغامض السنن التي حملتها الخواص عن الخواص، من حملة الأثر وطلاب الخبر مما يتكلف معرفته، ويتبع في مواضعه، ولا يهجم على طالبه، ولا يقهر سمع القاعد عنه.

والخبر خبران: خبر ليس للخاصة فيه فضل على العامة، وهو كما سن الرسول صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام، وأبواب القضاء والطلاق، والمناسك، والبيوع، والأشربة، والكفارات، وأشباه ذلك.

وباب آخر يجهله العوام، ويخبط فيه الحشو ولا تشعر بعجزها ولا موضع دائها. ومتى جرى سببه، أو ظهر شيء منه تسنمت

<<  <  ج: ص:  >  >>