للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَحْطٌ، فَخَرَجَ بِهِمْ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَسْتَسْقُونَ فَلَمْ يُسْقَوْا، فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: إِلَهِي، عِبَادُكَ قَدْ خَرَجُوا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُسْتَجَبْ دُعَاؤُهُمْ.

فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى بِأَنِّي لَا أَسْتَجِيبُ لَكَ لِمَنْ مَعَكَ لِأَنَّ فِيكُمْ رَجُلًا نَمَّامًا قَدْ أَصَرَّ عَلَى النَّمِيمَةِ.

فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: مَنْ هُوَ حَتَّى نُخْرِجَهُ مِنْ بَيْنِنَا؟ فَقَالَ يَا مُوسَى أَنْهَاكُمْ عَنِ النَّمِيمَةِ وَأَكُونُ نَمَّامًا فَتُوبُوا بِأَجْمَعِكُمْ فَتَابُوا بِأَجْمَعِهِمْ، فَسُقُوا وَذُكِرَ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ جَالِسًا وَعِنْدَهُ الزُّهْرِيُّ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ وَقَعْتَ فِيَّ وَقُلْتَ كَذَا وَكَذَا.

فَقَالَ الرَّجُلُ مَا فَعَلْتُ وَمَا قُلْتُ شَيْئًا فِيكَ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: إِنَّ الَّذِي أَخْبَرَنِي كَانَ صَادِقًا.

فَقَالَ الزُّهْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: لَا يَكُونُ النَّمَّامُ صَدُوقًا، قَالَ سُلَيْمَانُ: صَدَقْتَ اذْهَبْ بِسَلَامَةٍ.

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ أَخْبَرَكَ بِشَتْمٍ عَنْ أَخٍ فَهُوَ الشَّاتِمُ لَا مَنْ شَتَمَكَ.

وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ مَدَحَكَ بِمَا لَيْسَ فِيكَ فَلَا تَأْمَنْ أَنْ يَذُمَّكَ بِمَا لَيْسَ فِيكَ.

إِذَا أَتَاكَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَكَ أَنَّ فُلَانًا قَدْ فَعَلَ بِكَ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ فِيكَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْكَ سِتَّةُ أَشْيَاءَ: أَوَّلُهَا أَنْ لَا تُصَدِّقَهُ لِأَنَّ النَّمَّامَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ عِنْدِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: ٦] ، يَعْنِي إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِخَبَرٍ فَانْظُرُوا فِي الْأَمْرِ وَلَا تَعْجَلُوا لِكَيْ لَا تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١١٠]

<<  <   >  >>