للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُوَلِّي دُبُرَهُ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُجَالِسَ امْرَأَةً لَيْسَتْ بِذَاتِ مَحْرَمٍ مِنْكَ، فَإِنِّي رَسُولُهَا إِلَيْكَ، وَرَسُولُكَ إِلَيْهَا.

وَذُكِرَ عَنْ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ أَنَّهُ قَالَ: يَا بُنَيَّ ثَلَاثٌ لَا تُعْرَفُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةٍ: لَا يُعْرَفُ الْحَلِيمُ إِلَّا عِنْدَ الْغَضَبِ، وَلَا يُعْرَفُ الشُّجَاعُ إِلَّا عِنْدَ الْحَرْبِ، وَلَا يُعْرَفُ الْأَخُ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ.

وَذُكِرَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ التَّابِعِينَ مَدَحَهُ رَجُلٌ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَمْدَحُنِي؟ أَجَرَّبْتَنِي عِنْدَ الْغَضَبِ فَوَجَدْتَنِي حَلِيمًا؟ قَالَ: لَا.

قَالَ أَجَرَّبْتَنِي فِي السَّفَرِ فَوَجَدْتَنِي حَسِنَ الْخُلُقِ؟ قَالَ: لَا.

قَالَ: أَجَرَّبْتَنِي عِنْدَ الْأَمَانَةِ فَوَجَدْتَنِي أَمِينًا؟ قَالَ: لَا.

فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا لِأَحَدٍ أَنْ يَمْدَحَ أَحَدًا مَا لَمْ يُجَرِّبْهُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ.

وَقَالَ: ثَلَاثَةٌ مِنْ أَخْلَاقِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلَا تُوجَدُ إِلَّا فِي الْكَرِيمِ: الْعَفْوُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وَالْبَذْلُ لِمَنْ حَرَمَكَ، وَالْإِحْسَانُ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩] .

٢٦٠ - وَرُوِيَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ؟ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: حَتَّى أَسْأَلَ الْعَالِمَ.

فَذَهَبَ جِبْرِيلُ ثُمَّ أَتَاهُ.

فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُكَ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ ".

٢٦١ - وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , قَالَ: سَبَّ رَجُلٌ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَكَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا سَكَتَ الرَّجُلُ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَدْرَكَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَبَّنِي وَسَكَتُّ فَلَمَّا تَكَلَّمْتُ قُمْتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَلَكَ كَانَ يَرُدُّ عَلَيْهِ عَنْكَ حِينَ سَكَتَّ، فَلَمَّا تَكَلَّمْتَ ذَهَبَ الْمَلَكُ وَقَعَدَ الشَّيْطَانُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْعُدَ فِي مَقْعَدٍ مَعَ الشَّيْطَانِ» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ كُلُّهُنَّ حَقُّ مَا مِنْ عَبْدٍ يُظْلَمُ بِمَظْلَمَةٍ فَيَعْفُو عَنْهَا ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ

<<  <   >  >>