للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَرِيضُ، فَدَعَا إِبْلِيسُ الشَّيَاطِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَقَالَ: مَنْ يَفْتِنُ هَذَا فَإِنَّهُ قَدْ أَعْيَاكُمْ؟ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ: أَنَا أَفْتِنُهُ، فَإِنْ لَمْ أَفْتِنْهُ، فَلَسْتُ لَكَ بِوَلِيٍّ، فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: أَنْتَ لَهُ، فَانْطَلَقَ الشَّيْطَانُ حَتَّى أَتَى مَنْزِلَ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَهُ ابْنَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النِّسَاءِ، وَهِيَ جَالِسَةٌ مَعَ أَبِيهَا، وَأُمِّهَا، وَأَخَوَاتِهَا، فَخَبَّلَهَا فَفَزِعُوا لِذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا، فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْنُونَةِ، وَكَانَتْ عَلَى ذَلِكَ أَيَّامًا، ثُمَّ أَتَاهُمْ عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْرَأَ فُلَانَةٌ فَاذْهَبُوا بِهَا إِلَى فُلَانٍ الرَّاهِبِ يُعَوِّذُهَا وَيَدْعُو لَهَا، فَذَهَبُوا بِهَا إِلَيْهِ، فَدَعَا لَهَا فَبَرَأَتْ مِنْ عِلَّتِهَا، فَلَمَّا رَجَعُوا بِهَا عَاوَدَهَا ذَلِكَ فَأَتَاهُمُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْرَأَ فُلَانَةٌ فَاجْعَلُوهَا عِنْدَهُ أَيَّامًا، فَانْطَلَقُوا بِهَا إِلَيْهِ لِيَضَعُوهَا عِنْدَهُ، فَأَبَى الرَّاهِبُ أَنْ يَقْبَلَهَا، فَأَلَحُّوا عَلَيْهِ، وَتَرَكُوهَا عِنْدَهُ، فَكَانَ الرَّاهِبُ يَظَلُّ صَائِمًا، وَيُمْسِي قَائِمًا، فَلَا يَتَعَرَّضُ الشَّيْطَانُ لِلْجَارِيَةِ، فَإِذَا جَلَسَ الرَّاهِبُ لِيَطْعَمَ أَظْهَرَ خَبَلَهَا، وَكَشَفَهَا، فَيُعْرِضُ الرَّاهِبُ عَنْهَا بِوَجْهِهِ، حَتَّى طَالَ ذَلِكَ، فَنَظَرَ يَوْمًا إِلَى عن النبي صلى الله عليه وسلم وَجْهِهَا وَجَسَدِهَا فَرَأَى وَجْهًا وَجَسَدًا لَمْ يَرَ مِثْلَهُ، فَلَمْ يَصْبِرْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَرُبَهَا فَحَبِلَتْ مِنْهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ قَدْ أَحْبَلْتَهَا، وَلَيْسَ يُنْجِيكَ مِمَّا صَنَعْتَ بِهَا مِنْ عُقُوبَةِ الْمَلِكِ، إِلَّا أَنْ تَقْتُلَهَا وَتَدْفِنَهَا عِنْدَ صَوْمَعَتِكَ، فَإِذَا سَأَلُوكَ عَنْهَا، فَقُلْ: أَتَى عَلَيْهَا أَجَلُهَا، فَمَاتَتْ، فَإِنَّهُمْ يُصَدِّقُونَكَ، فَقَامَ إِلَيْهَا فَذَبَحَهَا وَدَفَنَهَا فَجَاءُوا يَسْأَلُونَ عَنْهَا، فَأَخْبَرَهُمْ بِأَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ فَصَدَّقُوهُ فَرَجَعُوا، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: إِنَّهَا بَرِئَتْ وَذَهَبَتْ إِلَى مَنْزِلِهَا فَصَدَّقُوهُ فَرَجَعُوا، وَجَعَلُوا يَطْلُبُونَهَا مِنْ بُيُوتِ أَقَارِبِهَا، فَانْطَلَقَ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ الرَّاهِبَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْهَا فَأَحْبَلَهَا، فَلَمَّا خَشِيَ أَنْ يُطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ ذَبَحَهَا وَدَفَنَهَا، فَرَكِبَ الْمَلِكُ فِي النَّاسِ، مُقْبِلًا نَحْوَ الرَّاهِبِ، فَحَفَرُوهَا فَوَجَدُوهَا مَذْبُوحَةً، فَأَخَذُوا الرَّاهِبَ فَصَلَبُوهُ، ثُمَّ جَاءَ الشَّيْطَانُ وَهُوَ مَصْلُوبٌ فَقَالَ: أَنَا الَّذِي فَعَلْتُ بِكَ مَا فَعَلْتُ وَأَنَا أُنْجِيكَ مِنْ ذَلِكَ وَأُخْبِرُهُمْ بِأَنَّهُ ذَبَحَهَا غَيْرُكَ، وَهُمْ يُصَدِّقُونَنِي بِذَلِكَ إِنْ أَنْتَ سَجَدْتَ لِي سَجْدَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَالَ: كَيْفَ أَسْجُدُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ؟ قَالَ: أَنَا أَرْضَى أَنْ تُومِئَ إِلَيَّ بِرَأْسِكَ، فَسَجَدَ لَهُ سَجْدَةً فَقَالَ لَهُ الشَّيْطَانُ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ {١٦} فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا

<<  <   >  >>